الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 743 ] سورة البروج

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      آ. (4) قوله: قتل : هذا جواب القسم على المختار، وإنما حذفت اللام، والأصل: لقتل، كقول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4533- حلفت لها بالله حلفة فاجر لناموا فما إن من حديث ولا صال



                                                                                                                                                                                                                                      وإنما حسن حذفها للطول، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في قوله: قد أفلح من زكاها . وقيل: تقديره: لقد قتل، فحذف اللام وقد، وعلى هذا فقوله: "قتل" خبر لا دعاء. وقيل بل هي دعاء فلا يكون جوابا. وفي الجواب حينئذ أوجه، أحدها: أنه قوله: إن الذين فتنوا . الثاني: قوله: إن بطش ربك قاله المبرد . الثالث: أنه مقدر. فقال الزمخشري : - ولم يذكر غيره - "هو محذوف يدل عليه قتل أصحاب الأخدود ، كأنه قيل: أقسم بهذه الأشياء إن كفار قريش ملعونون كما لعن [ ص: 744 ] أصحاب الأخدود"، ثم قال: وقتل دعاء عليهم، كقوله: قتل الإنسان ، وقيل: التقدير: لتبعثن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الحسن وابن مقسم "قتل" بتشديد التاء مبالغة أو تكثيرا. وقوله: "الموعود"، أي: الموعود به. قال مكي: "الموعود نعت لليوم. وثم ضمير محذوف يتم الموعود به. ولولا ذلك لما صحت الصفة; إذ لا ضمير يعود على الموصوف من صفته". انتهى. وكأنه يعني أن اليوم موعود به غيره من الناس، فلا بد من ضمير يرجع إليه، لأنه موعود به لا موعود. وهذا لا يحتاج إليه; إذ يجوز أن يكون قد تجوز بأن اليوم وعد بكذا فيصح ذلك، ويكون فيه ضمير عائد عليه، كأنه قيل: واليوم الذي وعد أن يقضى فيه بين الخلائق.

                                                                                                                                                                                                                                      والأخدود: الشق في الأرض. قال الزمخشري : والأخدود: الخد في الأرض، وهو الشق. ونحوهما بناء ومعنى: الخق والأخقوق، ومنه: "فساخت قوائمه في أخاقيق جرذان". انتهى. فالخد في الأصل مصدر، وقد يقع على المفعول وهو الشق نفسه، وأما الأخدود فاسم له فقط. وقال الراغب : الخد والأخدود شق في أرض، مستطيل غائص. [ ص: 745 ] وجمع الأخدود: أخاديد. وأصل ذلك من خدي الإنسان، وهما ما اكتنفا الأنف عن اليمين والشمال، والخد يستعار للأرض ولغيرها كاستعارة الوجه، وتخدد اللحم زواله عن وجه الجسم، ثم يعبر بالمتخدد عن المهزول، والخداد ميسم في الخد. وقال غيره: سمي الخد خدا لأن الدموع تخد فيه أخاديد، أي: مجاري.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية