الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سورة المجادلة .

بسم الله الرحمن الرحيم .

قال تعالى : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ( 1 ) ) .

قوله تعالى : ( وتشتكي ) : يجوز أن يكون معطوفا على " تجادل " وأن يكون حالا .

قال تعالى : ( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور ( 2 ) ) .

قوله تعالى : ( أمهاتهم ) : بكسر التاء على أنه خبر " ما " وبضمها على اللغة التميمية .

و ( منكرا ) : أي قولا منكرا .

قال تعالى : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير ( 3 ) ) .

قوله تعالى : ( والذين يظاهرون ) : مبتدأ ، و " تحرير رقبة " : مبتدأ أيضا ؛ تقديره : فعليهم ، والجملة خبر المبتدأ ، وقوله : " من قبل أن يتماسا " محمول على المعنى ؛ أي فعلى كل واحد .

[ ص: 445 ] قوله تعالى : ( لما قالوا ) : اللام تتعلق بيعودون ، والمعنى يعودون للمقول فيه ، هذا إن جعلت " ما " مصدرية .

ويجوز أن تجعله بمعنى الذي ، ونكرة موصوفة .

وقيل : اللام بمعنى في . وقيل : بمعنى إلى . وقيل : في الكلام تقديم ؛ تقديره : ثم يعودون ، فعليهم تحرير رقبة لما قالوا . والعود هنا ليس بمعنى تكرير الفعل ؛ بل بمعنى العزم على الوطء .

قال تعالى : ( يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد ( 6 ) ) .

قوله تعالى : ( يوم يبعثهم الله ) أي يعذبون ، أو يهانون ، أو استقر ذلك يوم يبعثهم . وقيل : هو ظرف " أحصاه " .

قال تعالى : ( ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ( 7 ) ) .

قوله تعالى : ( ثلاثة ) : هو مجرور بإضافة " نجوى " إليه ؛ وهي مصدر بمعنى التناجي ، أو الانتجاء .

ويجوز أن تكون النجوى اسما للمتناجين ، فيكون " ثلاثة " صفة ، أو بدلا .

( ولا أكثر ) : معطوف على العدد . ويقرأ بالرفع على الابتداء ، وما بعده الخبر .

ويجوز أن يكون معطوفا على موضع " من نجوى " .

قال تعالى : ( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ( 8 ) ) .

قوله تعالى : ( ويتناجون ) : يقرأ : ( وينتجون ) وهما بمعنى ؛ يقال : تناجوا وانتجوا .

[ ص: 446 ] قال تعالى : ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ( 13 ) ) .

قوله تعالى : ( فإذ لم ) : قيل : " إذ " بمعنى إذا ، كما ذكرنا في قوله تعالى : ( إذ الأغلال في أعناقهم ) [ غافر : 71 ] .

وقيل : هي بمعنى إن الشرطية ، وقيل : هي على بابها ماضية ، والمعنى : إنكم تركتم ذلك فيما مضى ، فتداركوه بإقامة الصلاة .

قال تعالى : ( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ( 19 ) ) .

قوله تعالى : ( استحوذ ) : إنما صحت الواو هنا بنية على الأصل ، وقياسه استحاذ ، مثل استقام .

قال تعالى : ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ( 21 ) ) .

قوله تعالى : ( لأغلبن ) : هو جواب قسم محذوف .

وقيل : هو جواب كتب ؛ لأنه بمعنى قال .

قال تعالى : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ( 22 ) ) .

قوله تعالى : ( يوادون ) : هو المفعول الثاني لتجد ، أو حال ، أو صفة لقوم .

و " تجد " : بمعنى تصادف على هذا . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية