الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              127- أبو ريحانة شمعون الأزدي

              وأبو ريحانة شمعون الأزدي ، وقيل الأنصاري . كان من الذابين المجتهدين معدود في أهل الصفة .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا مطلب بن شعيب ، ثنا عبد الله بن صالح ، ثنا عبد الرحمن بن شريح أبو شريح الإسكندراني ، عن أبي الصباح محمد بن سمير الرعيني ، عن أبي علي الهمداني ، عن أبي ريحانة أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فأوينا ذات ليلة إلى شرف فأصابنا فيه برد شديد حتى رأيت الرجال يحفر أحدهم الحفرة فيدخل فيها ويكفي عليه بجحفته ، فلما رأى ذلك منهم قال : " من يحرسنا في هذه الليلة فأدعو له بدعاء يصيب به فضلة " ، فقام رجل فقال : أنا يا رسول الله ، فقال : من أنت ، فقال : أنا فلان بن فلان الأنصاري ، قال : ادنه . فدنا منه فأخذ ببعض ثيابه ثم استفتح بدعاء له ، فلما سمعت ما يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري قمت فقلت أنا رجل فسألني كما سأله ثم قال ادنه ، كما قال له ودعا لي بدعاء دون ما دعا به للأنصاري ، ثم قال : " حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله ، وحرمت النار على عين دمعت من خشية الله " ، وقال الثالثة فنسيتها . قال أبو شريح بعد ذلك : " وحرمت النار على عين غضت عن محارم الله تعالى " .

              حدثنا إسحاق بن حمزة ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، ثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، [ ص: 29 ] ثنا أبو بكر بن عياش ، عن حميد - يعني الكندي - عن عبادة بن نسي ، عن أبي ريحانة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن إبليس ليضع عرشه على البحر ودونه الحجب يتشبه بالله عز وجل ، ثم يبث جنوده فيقول من لفلان الآدمي فيقوم اثنان فيقول : قد أجلتكما سنة فإن أغويتماه وسعت عنكما البعث وإلا صلبتكما " ، قال : فكان يقال لأبي ريحانة : لقد صلب فيك كثيرا .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ، ثنا يحيى بن عثمان ، ثنا محمد بن حمير ، عن عميرة بن عبد الرحمن الخثعمي ، عن يحيى بن حسان البكري ، عن أبي ريحانة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكوت إليه تفلت القرآن ومشقته علي ، فقال لي : " لا تحمل عليك ما لا تطيق وعليك بالسجود " ، قال أبو عميرة : فقدم أبو ريحانة عسقلان وكان يكثر السجود .

              وحدثت عن عباس بن محمد بن حاتم ، ثنا محمد بن مصعب ، ثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب أن أبا ريحانة كان غائبا ، فلما قدم على أهله تعشى ثم خرج إلى المسجد فصلى العشاء الآخرة ، فلما انصرف إلى بيته قام يصلي يفتتح سورة ويختمها فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر ، وسمع المؤذن فشد عليه ثيابه ليخرج إلى المسجد ، فقالت له صاحبته : يا أبا ريحانة كنت في غزوتك ما كنت ثم قدمت الآن فما كان لي فيك نصيب أو حظ ، قال : بلى ، لقد كان لك نصيب ولكن شغلت عنك ، قالت : يا أبا ريحانة وما الذي شغلك عني ؟ قال : ما زال قلبي يهوى فيما وصف الله من لباسها وأزواجها ونعيمها وما خطرت لي على بال حتى طلع الفجر .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية