الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5148 ) فصل : ولا حد في وطء النكاح الفاسد ، سواء اعتقدا حله أو حرمته . وعن أحمد ما يدل [ ص: 10 ] على أنه يجب الحد بالوطء في النكاح بلا ولي ، إذا اعتقدا حرمته . وهو اختيار الصيرفي ، من أصحاب الشافعي ; لما روى الدارقطني ، بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها ، إن الزانية هي التي تزوج نفسها } . وبإسناده عن الشعبي قال : ما كان أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد في النكاح بغير ولي من علي رضي الله عنه كان يضرب فيه

                                                                                                                                            وروى الشالنجي ، بإسناده عن عكرمة بن خالد ، أن الطريق جمعت ركبا فيه امرأة ثيب ، فخطبها رجل ، فأنكحها رجل وهو غير ولي بصداق وشهود ، فلما قدموا على عمر ، رضي الله عنه رفع إليه أمرهما ، ففرق بينهما ، وجلد الناكح والمنكح . ولنا ، أن هذا مختلف في إباحته ، فلم يجب به الحد ، كالنكاح بغير شهود ، ولأن الحد يدرأ بالشبهات ، والاختلاف فيه أقوى الشبهات ، وتسميتها زانية يجوز ، بدليل أنه سماها بذلك بمجرد العقد ، وعمر جلدهما أدبا وتعزيرا ، ولذلك جلد المنكح ولم يجلد المرأة ، وجلدهما بمجرد العقد مع اعتقادهما حله . وكذلك حديث علي على أن حديث علي حجة على من أوجب الحد فيه ، فإن عليا أشد الناس فيه ، وقد انتهى الأمر إلى الجلد ، فدل على أن سائر الناس والصحابة لم يروا فيه جلدا

                                                                                                                                            فإن قيل : فقد أوجبتم الحد على شارب النبيذ ، مع الاختلاف فيه ؟ قلنا : هو مفارق لمسألتنا ، بدليل أنا نحد من اعتقد حله ، ولأن يسير النبيذ يدعو إلى كثيره ، المتفق على تحريمه ، وهذا المختلف فيه يغني عن الزنى المجمع على تحريمه ، فافترقا . إذا ثبت هذا ، فإن من اعتقد حله ليس عليه إثم ولا أدب ; لأنه من مسائل الفروع المختلف فيها ، ومن اعتقد حرمته أثم وأدب . وإن أتت بولد منه ، لحقه نسبه في الحالين .

                                                                                                                                            ( 5149 ) فصل : فأما الأنكحة الباطلة ، كنكاح المرأة المزوجة أو المعتدة ، أو شبهه ، فإذا علما الحل والتحريم ، فهما زانيان ، وعليهما الحد ، ولا يلحق النسب فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية