الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5220 ) فصل : وإن تزوج لصغير أو مجنون ، فإنه يقبل لهما النكاح ، ولا يجوز أن يأذن لهما في قبوله ; لأنهما ليسا من أهل التصرف . وإن كان الغلام ابن عشر ، وهو مميز ، فقياس المذهب جواز تفويض القبول إليه ، حتى يتولاه لنفسه ، كما يفوض أمر البيع إليه ، ولأنه يملك إيقاع الطلاق بنفسه . وإن تزوج له الولي جاز ، كما يجوز أن يبتاع له ، وهذا على الرواية التي تقول بصحة بيعه ، ووقوع طلاقه . وإن قلنا : لا يصح ذلك منه . فهذا أولى

                                                                                                                                            ( 5221 ) فصل : وذكر القاضي أنه لا يجوز أن يتزوج لهما بزيادة على مهر المثل ; لأنه معاوضة في حق الغير ، فلم تجز الزيادة فيها على عوض المثل ، كبيع ماله . وهذا مذهب الشافعي . وقد ذكرنا أن للأب تزويج ابنته بدون صداق مثلها ، فهذا مثله ، فإنه قد يرى المصلحة في ذلك ، فجاز له بذل المال فيه ، كما يجوز في مداواته ، بل الجواز هاهنا أولى ; فإن الغالب أن المرأة لا ترضى بتزويج مجنون ، إلا أن ترغب بزيادة على مهر مثلها ، فيتعذر الوصول إليه بدون ذلك بخلاف المرأة . وذكر القاضي ، في " المجرد " ، أن قياس المذهب أنه لا يزوجه بأكثر من امرأة [ ص: 40 ] واحدة ; لعدم حاجته إلى زيادة عليها ، فيكون بذلا لماله فيما لا حاجة به إليه

                                                                                                                                            وذكر في " الجامع " ، أن له تزويج ابنه الصغير بأربع ; لأنه قد يرى المصلحة فيه ، وليس له تزويجه بمعيبة عيبا يرد به في النكاح ; لأن فيه ضررا به وتفويتا لماله فيما لا مصلحة له فيه ، فإن فعل ، خرج في صحة النكاح وجهان . فإن قلنا : يصح . فهل للولي الفسخ في الحال ؟ على وجهين ، مضى توجيهها في تزويج الصغيرة بمعيب . ومتى لم يفسخ حتى بلغ الصبي ، أو عقل المجنون ، فلهما الفسخ ، وليس له تزويجه بأمة ; لأن إباحتها مشروطة بخوف العنت ، وهو معدوم في حق الصبي ، غير معدوم في المجنون .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية