الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صبغ

                                                          صبغ : الصبغ والصباغ : ما يصطبغ به من الإدام ؛ ومنه قوله تعالى في الزيتون : تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ؛ يعني دهنه ، وقال الفراء : يقول الآكلون يصطبغون بالزيت فجعل الصبغ الزيت نفسه ، وقال الزجاج : أراد بالصبغ الزيتون ، قال الأزهري : وهذا أجود القولين ؛ لأنه قد ذكر الدهن قبله ، قال : وقوله تنبت بالدهن أي تنبت وفيها دهن ومعها دهن كقولك : جاءني زيد بالسيف أي جاءني ومعه السيف . وصبغ اللقمة يصبغها صبغا : دهنها وغمسها ، وكل ما غمس فقد صبغ ، والجمع صباغ ؛ قال الراجز :


                                                          تزج من دنياك بالبلاغ


                                                          وباكر المعدة بالدباغ


                                                          بالملح أو ما خف من صباغ

                                                          ويقال : صبغت الناقة مشافرها في الماء إذا غمستها ، وصبغ يده في الماء ، قال الراجز :


                                                          قد صبغت مشافرا كالأشبار


                                                          تربي على ما قد يفريه الفار


                                                          مسك شبوبين لها بأصبار

                                                          قال الأزهري : وسمت النصارى غمسهم أولادهم في الماء صبغا لغمسهم إياهم فيه . والصبغ : الغمس . وصبغ الثوب والشيب ونحوهما يصبغه ويصبغه ويصبغه ثلاث لغات ؛ الكسر عن اللحياني صبغا وصبغا وصبغة ، التثقيل عن أبي حنيفة . قال أبو حاتم : سمعت الأصمعي وأبا زيد يقولان : صبغت الثوب أصبغه وأصبغه صبغا حسنا الصاد مكسورة والباء متحركة ، والذي يصبغ به الصبغ بسكون الباء مثل الشبع والشبع ؛ وأنشد :


                                                          واصبغ ثيابي صبغا تحقيقا     من جيد العصفر لا تشريقا

                                                          قال : والتشريق الصبغ الخفيف . والصبغ والصباغ والصبغة : ما يصبغ به وتلون به الثياب ، والصبغ المصدر ، والجمع أصباغ وأصبغة . واصطبغ : اتخذ الصبغ والصباغ : معالج الصبغ وحرفته [ ص: 197 ] الصباغة . وثياب مصبغة إذا صبغت شدد للكثرة . وفي حديث علي في الحج : فوجد فاطمة لبست ثيابا صبيغا أي مصبوغة غير بيض ، وهي فعيل بمعنى مفعول . وفي الحديث : فيصبغ في النار صبغة أي يغمس ، كما يغمس الثوب في الصبغ ، وفي حديث آخر : اصبغوه في النار . وفي الحديث : أكذب الناس الصباغون والصواغون ؛ هم صباغو الثياب وصاغة الحلي لأنهم يمطلون بالمواعيد ، وأصل الصبغ التغيير . وفي حديث أبي هريرة : رأى قوما يتعادون ، فقال : ما لهم ؟ فقالوا : خرج الدجال ، فقال : كذبة كذبها الصباغون ، وروي الصواغون . وقولهم : قد صبغوني في عينك ، يقال : معناه غيروني عندك وأخبروا أني قد تغيرت عما كنت عليه . قال : والصبغ في كلام العرب التغيير ، ومنه صبغ الثوب إذا غير لونه وأزيل عن حاله إلى حال سواد أو حمرة أو صفرة ، قال : وقيل هو مأخوذ من قولهم صبغوني في عينك وصبغوني عندك أي أشاروا إليك بأني موضع لما قصدتني به ، من قول العرب صبغت الرجل بعيني ويدي أي أشرت إليه ؛ قال الأزهري : هذا غلط إذا أرادت العرب بإشارة أو غيرها قالوا صبعت بالعين المهملة قاله أبو زيد . وصبغة الله : دينه ، ويقال أصله . والصبغة : الشريعة والخلقة ، وقيل : هي كل ما تقرب به . وفي التنزيل : صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ؛ وهو مشتق من ذلك ، ومنه صبغ النصارى أولادهم في ماء لهم ، قال الفراء : إنما قيل صبغة ؛ لأن بعض النصارى كانوا إذا ولد المولود جعلوه في ماء لهم كالتطهير فيقولون هذا تطهير له كالختانة . قال الله عز وجل : قل صبغة الله يأمر بها محمدا صلى الله عليه وسلم ، وهي الختانة اختتن إبراهيم ، وهي الصبغة فجرت الصبغة على الختانة ؛ لصبغهم الغلمان في الماء ونصب صبغة الله ؛ لأنه ردها على قوله بل ملة إبراهيم أي بل نتبع ملة إبراهيم ونتبع صبغة الله ، وقال غير الفراء : أضمر لها فعلا اعرفوا صبغة الله وتدبروا صبغة الله ، وشبه ذلك . ويقال صبغة الله دين الله وفطرته . وحكي عن أبي عمرو أنه قال : كل ما تقرب به إلى الله ، فهو الصبغة . وتصبغ فلان في الدين تصبغا وصبغة حسنة ؛ عن اللحياني . وصبغ الذمي ولده في اليهودية أو النصرانية صبغة قبيحة : أدخله فيها . وقال بعضهم : كانت النصارى تغمس أبناءها في ماء ينصرونهم بذلك ، قال : وهذا ضعيف . والصبغ في الفرس : أن تبيض الثنة كلها ، ولا يتصل بياضها ببياض التحجيل . والصبغ أيضا : أن يبيض الذنب كله والناصية كلها ، وهو أصبغ . والصبغ أيضا : أخف من الشعل ، وهو أن تكون في طرف ذنبه شعرات بيض ، يقال من ذلك فرس أصبغ ، قال أبو عبيدة : إذا شابت ناصية الفرس ، فهو أسعف ، فإذا ابيضت كلها ، فهو أصبغ ، قال : والشعل بياض في عرض الذنب فإن ابيض كله أو أطرافه ، فهو أصبغ ، قال : والكسع أن تبيض أذراف الثنن فإن ابيضت الثنن كلها في يد أو رجل ولم تتصل ببياض التحجيل ، فهو أصبغ . والصبغاء من الضأن : البيضاء طرف الذنب وسائرها أسود والاسم الصبغة . أبو زيد : إذا ابيض طرف ذنب النعجة ، فهي صبغاء ، وقيل : الأصبغ من الخيل الذي ابيضت ناصيته أو ابيضت أطراف ذنبه ، والأصبغ من الطير ما ابيض أعلى ذنبه ، وقيل ما ابيض ذنبه . وفي حديث أبي قتادة : قال أبو بكر : كلا لا يعطيه أصيبغ قريش يصفه بالعجز والضعف والهوان فشبه بالأصبغ ، وهو نوع من الطيور ضعيف ، وقيل : شبهه بالصبغاء النبات ، وسيجيء ، ويروى بالضاد المعجمة والعين المهملة تصغير ضبع على غير قياس تحقيرا له . وصبغ الثوب يصبغ صبوغا : اتسع وطال لغة في سبغ . وصبغت الناقة : ألقت ولدها لغة في سبغت . الأصمعي : إذا ألقت الناقة ولدها ، وقد أشعر ، قيل : سبغت فهي مسبغ ، قال الأزهري : ومن العرب من يقول صبغت ، فهي مصبغ بالصاد ، والسين أكثر . ويقال : ناقة صابغ إذا امتلأ ضرعها وحسن لونه ، وقد صبغ ضرعها صبوغا ، وهي أجودها محلبة وأحبها إلى الناس . وصبغت عضلة فلان أي طالت تصبغ وبالسين أيضا . وصبغت الإبل في الرعي تصبغ ، فهي صابغة ، وقال جندل يصف إبلا :


                                                          قطعتها برجع أبلاء


                                                          إذا اغتمسن ملث الظلماء


                                                          بالقوم لم يصبغن في عشاء

                                                          ويروى : لم يصبؤن في عشاء . يقال : صبأ في الطعام إذا وضع فيه رأسه . وقال أبو زيد : يقال ما تركته بصبغ الثمن أي لم أتركه بثمنه الذي هو ثمنه ولكني أخذته بصبغ الثمن أي آخذه بثمنه الذي هو ثمنه ولكني أخذته بغلاء . ويقال : أصبغت النخلة ، فهي مصبغ إذا ظهر في بسرها النضج والبسرة التي قد نضج بعضها هي الصبغة تقول : نزعت منها صبغة أو صبغتين ، والصاد في هذا أكثر . وصبغت الرطبة : مثل ذنبت . والصبغاء : ضرب من نبات القف . وقال أبو حنيفة : والصبغاء : شجرة شبيهة بالضعة تألفها الظباء بيضاء الثمرة ، قال : وعن الأعراب الصبغاء مثل الثمام . قالالأزهري : الصبغاء نبت معروف . وجاء في الحديث : هل رأيتم الصبغاء ما يلي الظل منها أصفر وأبيض ؟ وروي عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، ألم تروها ما يلي الظل منها أصيفر أو أبيض ، وما يلي الشمس منها أخيضر ؟ وإذا كانت كذلك فهي صبغاء ، وقال : إن الطاقة الغضة من الصبغاء حين تطلع الشمس يكون ما يلي الشمس من أعاليها أبيض ، وما يلي الظل أخضر كأنها شبهت بالنعجة الصبغاء ؛ قال ابن قتيبة : شبه نبات لحومهم بعد إحراقها بنبات الطاقة من النبت حين تطلع ، وذلك أنها حين تطلع تكون صبغاء ، فما يلي الشمس من أعاليها أخضر ، وما يلي الظل أبيض . وبنو صبغاء : قوم . وقال أبو نصر : الصبغاء شجرة بيضاء الثمرة . وصبيغ وأصبغ وصبيغ : أسماء . وصبغ : اسم رجل كان يتعنت الناس بسؤالات في مشكل القرآن فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بضربه ونفاه إلى البصرة ونهى عن مجالسته .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية