الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صبا

                                                          صبا : الصبوة : جهلة الفتوة واللهو من الغزل ، ومنه التصابي والصبا . صبا صبوا وصبوا وصبى وصباء . والصبوة : جمع الصبي ، والصبية لغة ، والمصدر الصبا . يقال : رأيته في صباه أي في صغره . وقال غيره : رأيته في صبائه أي في صغره . والصبي : من لدن يولد إلى أن يفطم ، والجمع أصبية وصبوة وصبية وصبية وصبوان وصبوان وصبيان قلبوا الواو فيها ياء للكسرة التي قبلها ولم يعتدوا بالساكن حاجزا حصينا لضعفه بالسكون ، وقد يجوز أن يكونوا آثروا الياء لخفتها ، وأنهم لم يراعوا قرب الكسرة ، والأول أحسن ، وأما قول بعضهم صبيان بضم الصاد والياء ففيه من النظر أنه ضم الصاد بعد أن قلبت الواو ياء في لغة من كسر ، فقال صبيان ، فلما قلبت الواو ياء للكسرة وضمت الصاد بعد ذلك أقرت الياء بحالها التي هي عليها في لغة من كسر ، وتصغير صبية أصيبية ، وتصغير أصبية صبية ، كلاهما على غير قياس هذا قول سيبويه ؛ وأنشد لرؤبة :


                                                          صبية على الدخان رمكا ما إن عدا أكبرهم أن زكا

                                                          قال ابن سيده : وعندي أن صبية تصغير صبية ، وأصيبية تصغير أصبية ليكون كل شيء منهما على بناء مكبره . والصبي : الغلام ، والجمع صبية وصبيان ، وهو من الواو ، قال : ولم يقولوا أصبية استغناء بصبية ، كما لم يقولوا أغلمة استغناء بغلمة وتصغير صبية صبية في القياس . وفي الحديث : أنه رأى حسنا يلعب مع صبوة في السكة ؛ الصبوة والصبية : جمع صبي والواو هو القياس ، وإن كانت الياء أكثر استعمالا . وفي حديث أم سلمة : لما خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : إني امرأة مصبية موتمة أي ذات صبيان وأيتام ، وقد جاء في الشعر أصيبية كأنه تصغير أصبية ؛ قال الشاعر عبد الله بن الحجاج التغلبي :


                                                          ارحم أصيبيتي الذين كأنهم     حجلى تدرج في الشربة وقع

                                                          ويقال : صبي بين الصبا والصباء ، إذا فتحت الصاد مددت ، وإذا كسرت قصرت ؛ قال سويد بن كراع :


                                                          فهل يعذرن ذو شيبة بصبائه ؟     وهل يحمدن بالصبر إن كان يصبر

                                                          والجارية صبية ، والجمع صبايا مثل مطية ومطايا . وصبي صبا : فعل فعل الصبيان . وأصبت المرأة ، فهي مصب إذا كان لها ولد صبي أو ولد ذكر أو أنثى . وامرأة مصبية بالهاء : ذات صبية . التهذيب : امرأة مصب بلا هاء معها صبي . ابن شميل : يقال للجارية صبية وصبي وصبايا للجماعة والصبيان للغلمان . والصبا من الشوق ، يقال منه : تصابى وصبا يصبو صبوة وصبوا أي مال إلى الجهل والفتوة . وفي حديث الفتن : لتعودن فيها أساود صبى هي جمع صاب كغاز وغزى ، وهم الذين يصبون إلى الفتنة أي يميلون إليها ، وقيل : إنما هو صباء جمع صابئ بالهمز كشاهد وشهاد ، ويروى : صب ، وذكر في موضعه . وفي حديث هوازن : قال دريد بن الصمة : ثم الق الصبى على متون الخيل أي الذين يشتهون الحرب ويميلون إليها ويحبون التقدم فيها والبراز . ويقال : صبا إلى اللهو صبا وصبوا وصبوة ، قال زيد بن ضبة :


                                                          إلى هند صبا قلبي     وهند مثلها يصبي

                                                          وفي حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما : والله ما ترك ذهبا ، ولا فضة ، ولا شيئا يصبى إليه . وفي الحديث : وشاب ليست له صبوة أي ميل إلى الهوى ، وهي المرة منه . وفي حديث النخعي : كان يعجبهم أن يكون للغلام إذا نشأ صبوة ، وذلك لأنه إذا تاب وارعوى كان أشد لاجتهاده في الطاعة وأكثر لندمه على ما فرط منه وأبعد له من أن يعجب بعمله أو يتكل عليه . وأصبته الجارية وصبي صباء مثل سمع سماعا أي لعب مع الصبيان . وصبا إليه صبوة وصبوا : حن . وكانت قريش تسمي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم صباة . وأصبته المرأة وتصبته : شاقته ودعته إلى الصبا فحن لها وصبا إليها . وصبي : مال وكذلك صبت إليه وصبيت وتصباها هو : دعاها إلى مثل ذلك وتصباها أيضا : خدعها وفتنها ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          لعمرك لا أدنو لأمر دنية     ولا أتصبى آصرات خليل

                                                          قال ثعلب : لا أتصبى لا أطلب خديعة حرمة خليل ، ولا أدعوها إلى الصبا ، والآصرات : الممسكات الثوابت كإصار البيت ، وهو الحبل من حبال الخباء . وفي التنزيل العزيز في خبر يوسف عليه السلام : وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن ؛ قال أبو الهيثم : صبا فلان إلى فلانة وصبا لها يصبو صبا منقوص وصبوة أي مال إليها . قال : وصبا يصبو ، فهو صاب وصبي مثل قادر وقدير ، قال : وقال بعضهم : إذا قالوا صبي ، فهو بمعنى فعول ، وهو الكثير الإتيان للصبا ، قال : وهذا خطأ لو كان [ ص: 199 ] كذلك لقالوا صبو ، وكما قالوا : دعو وسمو ولهو في ذوات الواو ، وأما البكي ، فهو بمعنى فعول أي كثير البكاء لأن أصله بكوي ؛ وأنشد :


                                                          وإن ما يأتي الصبا الصبي

                                                          ويقال : أصبى فلان عرس فلان إذا استمالها . وصبت النخلة تصبو : مالت إلى الفحال البعيد منها . وصبت الراعية تصبو صبوا : أمالت رأسها فوضعته في المرعى . وصابى رمحه : أماله للطعن به ، قال النابغة الجعدي :


                                                          مصابين خرصان الوشيج كأننا     لأعدائنا نكب إذ الطعن أفقرا

                                                          وصابى رمحه إذا صدر سنانه إلى الأرض للطعن به . وفي الحديث : لا يصبي رأسه في الركوع أي لا يخفضه كثيرا ، ولا يميله إلى الأرض من صبا إلى الشيء يصبو إذا مال وصبى رأسه شدد للتكثير ، وقيل : هو مهموز من صبأ إذا خرج من دين إلى دين . قال الأزهري : الصواب لا يصوب ، ويروى لا يصب . والصبا : ريح معروفة تقابل الدبور . الصحاح : الصبا ريح ومهبها المستوي أن تهب من موضع مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار ونيحتها الدبور . المحكم : والصبا ريح تستقبل البيت ، قيل : لأنها تحن إلى البيت . وقال ابن الأعرابي : مهب الصبا من مطلع الثريا إلى بنات نعش ، من تذكرة أبي علي ، تكون اسما وصفة وتثنيته صبوان وصبيان عن اللحياني ، والجمع صبوات وأصباء . وقد صبت الريح تصبو صبوا وصبا . وصبي القوم : أصابتهم الصبا وأصبوا : دخلوا في الصبا ، وتزعم العرب أن الدبور تزعج السحاب وتشخصه في الهواء ثم تسوقه ، فإذا علا كشفت عنه واستقبلته الصبا فوزعت بعضه على بعض حتى يصير كسفا واحدا ، والجنوب تلحق روادفه به وتمده من المدد ، والشمال تمزق السحاب . والصابية : النكيباء التي تجري بين الصبا والشمال . والصبي : ناظر العين ، وعزاه كراع إلى العامة . والصبيان : جانبا الرحل . والصبيان على فعيلان : طرفا اللحيين للبعير وغيره ، وقيل : هما الحرفان المنحنيان من وسط اللحيين من ظاهرهما ؛ قال ذو الرمة :


                                                          تغنيه من بين الصبيين أبنة     نهوم إذا ما ارتد فيها سحيلها

                                                          الأبنة ههنا : غلصمته . وقال شمر : الصبيان ملتقى اللحيين الأسفلين . وقال أبو زيد : الصبيان ما دق من أسافل اللحيين ، قال : والرأدان هما أعلى اللحيين عند الماضغتين ، ويقال الرؤدان أيضا ، وقال أبو صدقة العجلي يصف فرسا :


                                                          عار من اللحم صبيا اللحيين     مؤلل الأذن أسيل الخدين

                                                          وقيل : الصبي رأس العظم الذي هو أسفل من شحمة الأذن بنحو ثلاث أصابع مضمومة . والصبي من السيف : ما دون الظبة قليلا . وصبي السيف : حده ، وقيل : عيره الناتئ في وسطه ، وكذلك السنان . والصبي : رأس القدم . التهذيب : الصبي من القدم ما بين حمارتها إلى الأصابع . وصابى سيفه : جعله في غمده مقلوبا ، وكذلك صابيته أنا . وإذا أغمد الرجل سيفا مقلوبا ، قيل : قد صابى سيفه يصابيه ؛ وأنشد ابن بري لعمران بن حطان يصف رجلا :


                                                          لم تلهه أوبة عن رمي أسهمه     وسيفه لا مصاباة ولا عطل

                                                          وصابيت الرمح : أملته للطعن . وصابى البيت : أنشده فلم يقمه . وصابى الكلام : لم يجره على وجهه . ويقال : صابى البعير مشافره إذا قلبها عند الشرب ؛ وقال ابن مقبل يذكر إبلا :


                                                          يصابينها وهي مثنية     كثني السبوت حذين المثالا

                                                          وقال أبو زيد : صابينا عن الحمض عدلنا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية