الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صحح

                                                          صحح : الصح والصحة والصحاح خلاف السقم ، وذهاب المرض ؛ وقد صح فلان من علته واستصح ، قال الأعشى :


                                                          أم كما قالوا سقيم فلئن نفض الأسقام عنه واستصح     ليعيدن لمعد عكرها
                                                          دلج الليل وتأخاذ المنح

                                                          يقول : لئن نفض الأسقام التي به وبرأ منها وصح ليعدن لمعد عطفها أي كرها وأخذها المنح . وصححه الله ، فهو صحيح وصحاح بالفتح ، وكذلك صحيح الأديم وصحاح الأديم بمعنى ، أي غير مقطوع ، وهو أيضا البراءة من كل عيب وريب ؛ وفي الحديث : يقاسم ابن آدم أهل النار قسمة صحاحا ، يعني قابيل الذي قتل أخاه هابيل أي أنه يقاسمهم قسمة صحيحة ، فله نصفها ولهم نصفها ، الصحاح بالفتح : بمعنى الصحيح ؛ يقال : درهم صحيح وصحاح ويجوز أن يكون بالضم كطوال في طويل ، ومنهم من يرويه بالكسر ، ولا وجه له . وحكى ابن دريد عن أبي عبيدة : كان ذلك في صحه وسقمه ؛ قال : ومن كلامهم : ما أقرب الصحاح من السقم . وقد صح يصح صحة ورجل صحاح وصحيح من قوم أصحاء وصحاح فيهما ، وامرأة صحيحة من نسوة صحاح وصحائح . وأصح الرجل ، فهو مصح : صح أهله ، وماشيته صحيحا كان هو أو مريضا . وأصح القوم أيضا ، وهم مصحون إذا كانت قد أصابت أموالهم عاهة ثم ارتفعت . وفي الحديث : لا يورد الممرض على المصح ؛ المصح الذي صحت ماشيته من الأمراض والعاهات ؛ أي لا يورد من إبله مرضى على من إبله صحاح ويسقيها معها ، كأنه كره ذلك أن يظهر بمال المصح ما ظهر بمال الممرض ، فيظن أنها أعدتها فيأثم بذلك ؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم : لا عدوى ؛ وفي الحديث الآخر : لا يوردن ذو عاهة على مصح ، أي أن الذي قد مرضت ماشيته لا يستطيع أن يورد على الذي ماشيته صحاح . وفي الحديث : الصوم مصحة ومصحة بفتح الصاد وكسرها والفتح أعلى أي يصح عليه هو [ ص: 202 ] مفعلة من الصحة العافية ، وهو كقوله في الحديث الآخر : صوموا تصحوا . والسفر أيضا مصحة . وأرض مصحة ومصحة : بريئة من الأوباء صحيحة لا وباء فيها ، ولا تكثر فيها العلل والأسقام . وصحاح الطريق : ما اشتد منه ولم يسهل ولم يوطأ ، وصحاح الطريق : قال ابن مقبل يصف ناقة :


                                                          إذا واجهت وجه الطريق تيممت     صحاح الطريق عزة أن تسهلا

                                                          وصح الشيء : جعله صحيحا . وصححت الكتاب والحساب تصحيحا إذا كان سقيما فأصلحت خطأه . وأتيت فلانا فأصححته أي وجدته صحيحا والصحيح من الشعر : ما سلم من النقص ، وقيل : كل ما يمكن فيه الزحاف فسلم منه ، فهو صحيح ؛ وقيل : الصحيح كل آخر نصف يسلم من الأشياء التي تقع عللا في الأعاريض والضروب ، ولا تقع في الحشو . والصحصح والصحصاح والصحصحان : كله ما استوى من الأرض وجرد ، والجمع الصحاصح والصحصح : الأرض الجرداء المستوية ذات حصى صغار . وأرض صحاصح وصحصحان : ليس بها شيء ، ولا شجر ، ولا قرار للماء ، قال : وقلما تكون إلا إلى سند واد أو جبل قريب من سند واد ، قال : والصحراء أشد استواء منها ؛ قال الراجز :


                                                          تراه بالصحاصح السمالق     كالسيف من جفن السلاح الدالق

                                                          وقال آخر :


                                                          وكم قطعنا من نصاب عرفج     وصحصحان قذف مخرج

                                                          به الرذايا كالسفين المخرج ونصاب العرفج : ناحيته . والقذف : التي لا مرتع بها . والمخرج : الذي لم يصبه مطر ، أرض مخرجة . فشبه شخوص الإبل الحسرى بشخوص السفن ؛ ويقال : صحصاح ؛ وأنشد :


                                                          حيث ارثعن الودق في الصحصاح

                                                          وفي حديث جهيش : وكائن قطعنا إليك من كذا وكذا وتنوفة صحصح . الصحصح والصحصحة والصحصحان الأرض المستوية الواسعة . والتنوفة : البرية ؛ ومنه حديث ابن الزبير لما أتاه قتل الضحاك ، قال : إن ثعلب بن ثعلب حفر بالصحصحة ، فأخطأت استه الحفرة ، وهذا مثل للعرب تضربه فيمن لم يصب موضع حاجته ، يعني أن الضحاك طلب الإمارة والتقدم فلم ينلها . ورجل صحصح وصحصوح : يتتبع دقائق الأمور فيحصيها ويعلمها ؛ وقول مليح الهذلي :


                                                          فحبك ليلى حين يدنو زمانه     ويلحاك في ليلى العريف المصحصح

                                                          قيل : أراد الناصح ، كأنه المصحح فكره التضعيف . والترهات الصحاصح : هي الباطل ، وكذلك الترهات البسابس ، وهما بالإضافة أجود ؛ قال ابن مقبل :


                                                          وما ذكره دهماء بعد مزارها     بنجران إلا الترهات الصحاصح

                                                          ويقال للذي يأتي بالأباطيل : مصحصح .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية