الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5238 ) فصل : وإن اشترت الحرة زوجها ، أو ملكته بهبة أو غيرها ، انفسخ النكاح ; لأن ملك النكاح واليمين يتنافيان ، لاستحالة كون الشخص مالكا لمالكه ; ولأن المرأة تقول : أنفق علي ; لأنني امرأتك ، وأنا أسافر بك ; لأنك عبدي . ويقول هو : أنفقي علي ; لأنني عبدك ، وأنا أسافر بك ; لأنك امرأتي . فيتنافى ذلك ، فيثبت أقواهما ، وهو ملك اليمين ، وينفسخ النكاح ; لأنه أضعف ، ولها على سيده المهر إن كان بعد الدخول ، وله عليها الثمن ، فإن كانا دينين من جنس تقاصا وتساقطا إن كانا متساويين ، وإن تفاضلا سقط الأقل منهما بمثله ، وبقي الفاضل ، وإن اختلف جنسهما لم يتساقطا ، وعلى كل واحد منهما تسليم ما عليه إلى صاحبه .

                                                                                                                                            وقال الشافعي في أحد قوليه : يسقط مهرها ; لأنه دين في ذمة العبد ، فإذا ملكته لم يجز أن يثبت لها دين في ذمة عبدها ، كما لو أتلف لها مالا . وهذا بناء منه على أن المهر يتعلق بذمة العبد ، وقد بينا أنه يتعلق بذمة سيده ، فلا يؤثر ملك العبد في إسقاطه . وذكر القاضي فيه وجها : أنه يسقط ; لأن ثبوت الدين في ذمة السيد تبع لثبوته في ذمة العبد ، فإذا سقط من [ ص: 45 ] ذمة العبد سقط من ذمة السيد تبعا ، كالدين الذي على الضامن إذا سقط من ذمة المضمون عنه

                                                                                                                                            ولا يعرف هذا في المذهب ، ولا أنه يثبت في الذمتين جميعا ، إحداهما تبع للأخرى ، بل المذهب على أنه لا يسقط بعد الدخول بحال ، فأما إن كان الشراء قبل الدخول سقط نصفه ، كما لو طلقها قبل دخوله بها . وفي سقوط باقيه وجهان أحدهما : لا يسقط ; لأن زوال الملك إنما هو بفعل البائع ، فالفسخ إذا من جهته ، فلم يسقط جميع المهر كالخلع . والثاني يسقط ; لأن الفسخ إنما تم بشراء المرأة ، فأشبه الفسخ بالعيب في أحدهما ، وفسخها لإعساره ، وشراء الرجل امرأته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية