الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صحف

                                                          صحف : الصحيفة : التي يكتب فيها ، والجمع صحائف وصحف وصحف . وفي التنزيل : إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ؛ يعني الكتب المنزلة عليهما صلوات الله على نبينا وعليهما . قال سيبويه : أما صحائف فعلى بابه وصحف داخل عليه ؛ لأن فعلا في مثل هذا قليل ، وإنما شبهوه بقليب وقلب وقضيب وقضب كأنهم جمعوا صحيفا حين علموا أن الهاء ذاهبة شبهوها بحفرة وحفار حين أجروها مجرى جمد وجماد . قال الأزهري : الصحف جمع الصحيفة من النوادر ، وهو أن تجمع فعيلة على فعل ، قال : ومثله سفينة وسفن ، قال : وكان قياسهما صحائف وسفائن . وصحيفة الوجه : بشرة جلده ، وقيل : هي ما أقبل عليك منه ، والجمع صحيف ؛ وقوله :


                                                          إذا بدا من وجهك الصحيف

                                                          يجوز أن يكون جمع صحيفة التي هي بشرة جلده ويجوز أن يكون أراد بالصحيف الصحيفة . والصحيف : وجه الأرض ، قال : بل مهمه منجرد الصحيف ، وكلاهما على التشبيه بالصحيفة التي يكتب فيها . والمصحف والمصحف : الجامع للصحف المكتوبة بين الدفتين كأنه أصحف ، والكسر والفتح فيه لغة ، قال أبو عبيد : تميم تكسرها وقيس تضمها ، ولم يذكر من يفتحها ، ولا أنها تفتح ، إنما ذلك عن اللحياني عن الكسائي ، قال الأزهري : وإنما سمي المصحف مصحفا ؛ لأنه أصحف أي جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين ، قال الفراء : يقال مصحف ومصحف ، كما يقال مطرف ومطرف ؛ قال : وقوله مصحف من أصحف أي جمعت فيه الصحف وأطرف جعل في طرفيه العلمان ، استثقلت العرب الضمة في حروف فكسرت الميم ، وأصلها الضم ، فمن ضم جاء به على أصله ، ومن كسره فلاستثقاله الضمة ، وكذلك قالوا في المغزل مغزلا ، والأصل مغزل من أغزل أي أدير وفتل ، والمخدع والمجسد ؛ قال أبو زيد : تميم تقول : المغزل والمطرف والمصحف ، وقيس تقول المطرف والمغزل والمصحف . قال [ ص: 204 ] الجوهري : أصحف جمعت فيه الصحف ، وأطرف جعل في طرفيه علمان ، وأجسد أي ألزق بالجسد . قال ابن بري : صوابه ألصق بالجساد ، وهو الزعفران . وقال الجوهري : والصحيفة الكتاب . وفي الحديث : أنه كتب لعيينة بن حصن كتابا ، فلما أخذه ، قال : يا محمد أتراني حاملا إلى قومي كتابا كصحيفة المتلمس ؟ الصحيفة : الكتاب ، والمتلمس : شاعر معروف ، واسمه عبد المسيح بن جرير ، وكان قدم هو وطرفة الشاعر على الملك عمرو بن هند ، فنقم عليهما أمرا فكتب لهما كتابين إلى عامله بالبحرين يأمره بقتلهما ، وقال : إني قد كتبت لكما بجائزة فاجتازا بالحيرة فأعطى المتلمس صحيفته صبيا فقرأها ، فإذا فيها يأمر عامله بقتله فألقاها في الماء ومضى إلى الشام ، وقال لطرفة : افعل مثل فعلي فإن صحيفتك مثل صحيفتي فأبى عليه ومضى إلى عامله فقتله ، فضرب بهما المثل . والمصحف والصحفي : الذي يروي الخطأ عن قراءة الصحف بأشباه الحروف مولدة . والصحفة كالقصعة ، وقال ابن سيده : شبه قصعة مسلنطحة عريضة ، وهي تشبع الخمسة ونحوهم ، والجمع صحاف . وفي التنزيل : يطاف عليهم بصحاف من ذهب ؛ وأنشد :


                                                          والمكاكيك والصحاف من الفضة     والضامرات تحت الرحال

                                                          والصحيفة أقل منها ، وهي تشبع الرجل ، وكأنه مصغر لا مكبر له . قال الكسائي : أعظم القصاع الجفنة ، ثم القصعة تليها تشبع العشرة ، ثم الصحفة تشبع الخمسة ونحوهم ، ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ، ثم الصحيفة تشبع الرجل . وفي الحديث : " لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ ما في صحفتها " هو من ذلك ، وهذا مثل يريد به الاستئثار عليها بحظها فتكون كمن استفرغ صفحة غيره وقلب ما في إنائه . والتصحيف : الخطأ في الصحيفة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية