الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5271 ) قال : وإن كان المغرور عبدا فولده أحرار ، ويفديهم إذا عتق ، ويرجع به على من غره ، وجملة ذلك أن المغرور إذا كان عبدا ، فولده أحرار . وقال أبو حنيفة : يكون رقيقا ; لأن أبويه رقيق . وليس ذلك بصحيح ، فإنه وطئها معتقدا حريتها ، فكان ولده حرا ، كولد الحر ، فإن هذا هو العلة المقتضية للحرية في محل الوفاق ، ولولا ذلك لكان رقيقا ، فإن علة رق الولد رق الأم خاصة ، ولا عبرة بحال الأب ، بدليل ولد الحر من الأمة ، وولد الحرة من العبد .

                                                                                                                                            وعلى العبد فداؤهم ; لأنه فوت رقهم باعتقاده وفعله ، ولا مال له في الحال ، فيخرج في ذلك وجهان ، أحدهما : يتعلق برقبته بمنزلة جنايته . والثاني ، بذمته يتبع به بعد العتق ، بمنزلة عوض الخلع من الأمة إذا بذلته بغير إذن سيدها . ويفارق الاستدانة والجناية ; لأنه إذا استدان أتلف مال الغريم ، فكان جناية منه ، وهاهنا لم يجن في الأولاد جناية ، وإنما عتقوا من طريق الحكم ، وما حصل له منهم عوض ، فيكون ذلك في ذمته يتبع به بعد العتق ، ويرجع به حين يغرمه ، فإنه لا ينبغي أن يجب له بذل ما لم يفت عليه .

                                                                                                                                            وأما الحرية فتتعجل في الحال . وإن قلنا : إن الفداء يتعلق برقبته . وجب في الحال ، ويرجع به سيده في الحال ، ويثبت للعبد الخيار إذا علم ، كما ثبت للحر لمن يحل له نكاح الإماء ; لأن عليه ضررا في رق ولده ، ونقصا في استمتاعه ، فإنها لا تبيت معه ليلا ونهارا ، ولم يرض به . ويحتمل أن لا يثبت له خيار ; لأنه فقد صفة لا ينقص بها عن رتبته ، فأشبه ما لو شرط نسب امرأة فبانت بخلافه ; لأنها مساوية لنسبه ، بخلاف تغرير الحر . وقال بعض الشافعية : لا خيار له ، قولا واحدا . وقال بعضهم : فيه قولان

                                                                                                                                            والأولى ما ذكرناه . وإذا اختار الإقامة ، فالمهر واجب ، لا يرجع به على أحد . وإن اختار الفسخ قبل الدخول ، فلا مهر ، وإن كان بعده والنكاح بإذن سيده ، فالمهر واجب عليه ، وفي الرجوع به خلاف ذكرناه فيما مضى ، وإن كان بغير إذنه ، فالنكاح فاسد ، فإن دخل بها ففي قدر ما يجب عليه وجهان ، أحدهما : مهر المثل . والثاني : الخمسان . وهل يرجع به ؟ على وجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية