الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صرب

                                                          صرب : الصرب والصرب : اللبن الحقين الحامض . وقيل : هو الذي قد حقن أياما في السقاء حتى اشتد حمضه ، واحدته : صربة وصربة . يقال : جاءنا بصربة تزوي الوجه . وفي حديث ابن الزبير : فيأتي بالصربة من اللبن هو اللبن الحامض . وصربه يصربه صربا ، فهو مصروب وصريب . وصربه : حلب بعضه على بعض وتركه يحمض . وقيل : صرب اللبن والسمن في النحي . الأصمعي : إذا [ ص: 220 ] حقن اللبن أياما في السقاء حتى اشتد حمضه ، فهو الصرب والصرب ؛ وأنشد :


                                                          فالأطيبان بها الطرثوث والصرب

                                                          قال أبو حاتم : غلط الأصمعي في الصرب أنه اللبن الحامض ؛ قال وقلت له : الصرب الصمغ والصرب اللبن فعرفه وقال : كذلك . ويقال : صرب اللبن في السقاء . ابن الأعرابي : الصرب البيوت القليلة من ضعفى الأعراب . قال الأزهري : والصرم مثل الصرب ، قال : وهو بالميم أعرب . ويقال : كرص فلان في مكرصه ، وصرب في مصربه وقرع في مقرعه : كله السقاء يحقن فيه اللبن . وقدم أعرابي على أعرابية ، وقد شبق لطول الغيبة فراودها فأقبلت تطيب وتمتعه ، فقال : فقدت طيبا في غير كنهه أي في غير وجهه وموضعه ، فقالت المرأة : فقدت صربة مستعجلا بها عنت بالصربة : الماء المجتمع في الظهر . وإنما هو على المثل باللبن المجتمع في السقاء . والمصرب : الإناء الذي يصرب فيه اللبن أي يحقن ، وجمعه المصارب . تقول : صربت اللبن في الوطب واصطربته إذا جمعته فيه شيئا بعد شيء وتركته ليحمض . والصرب : ما يزود من اللبن في السقاء حليبا كان أو حازرا . وقد اصطرب صربة ، وصرب بوله يصربه ويصربه صربا : حقنه إذا طال حبسه وخص بعضهم به الفحل من الإبل ، ومنه قيل للبحيرة : صربى على فعلى لأنهم كانوا لا يحلبونها إلا للضيف فيجتمع اللبن في ضرعها . وقال سعيد بن المسيب : البحيرة التي يمنع درها للطواغيت ، فلا يحلبها أحد من الناس . وفي حديث أبي الأحوص الجشمي عن أبيه ، قال : هل تنتج إبلك وافية أعينها وآذانها فتجدعها ، وتقول صربى ؟ قال القتيبي : قوله صربى مثل سكرى ، من صربت اللبن في الضرع إذا جمعته ولم تحلبه ، وكانوا إذا جدعوها أعفوها من الحلب . وقال بعضهم : تجعل الصربى من الصرم ، وهو القطع بجعل الباء مبدلة من الميم ، كما يقال ضربة لازم ، ولازب ، قال : وكأنه أصح التفسيرين لقوله فتجدع هذه فتقول صربى . ابن الأعرابي : الصرب : جمع صربى ، وهي المشقوقة الأذن من الإبل مثل البحيرة أو المقطوعة . وفي رواية أخرى عن الأحوص أيضا عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا قشف الهيئة ، فقال : هل تنتج إبلك صحاحا آذانها فتعمد إلى الموسى فتقطع آذانها ، فتقول : هذه بحيرة ، وتشقها فتقول : هذه صرم ، فتحرمها عليك وعلى أهلك ؟ قال : نعم . قال : فما آتاك الله لك حل ، وساعد الله أشد ، وموساه أحد . قال : فقد بين بقوله صرم ما قال ابن الأعرابي في الصرب : إن الباء مبدلة من الميم . وصرب الصبي : مكث أياما لا يحدث ، وصرب بطن الصبي صربا إذا عقد ليسمن ، وهو إذا احتبس ذو بطنه فيمكث يوما لا يحدث ، وذلك إذا أراد أن يسمن . والصرب والصرب : الصمغ الأحمر ؛ قال الشاعر يذكر البادية :


                                                          أرض عن الخير والسلطان نائية     فالأطيبان بها الطرثوث والصرب

                                                          واحدته صربة ، وقد يجمع على صراب ؛ وقيل : هو صمغ الطلح والعرفط ، وهي حمر كأنها سبائك تكسر بالحجارة . وربما كانت الصربة مثل رأس السنور ، وفي جوفها شيء كالغراء والدبس يمص ويؤكل ؛ قال الشاعر :


                                                          سيكفيك صرب القوم لحم مغرض     وماء قدور في الجفان مشوب

                                                          قال : والصرب الصمغ الأحمر صمغ الطلح . والصربة : ما يتخير من العشب والشجر بعد اليابس ، والجمع صرب ، وقد صربت الأرض واصرأب الشيء : املاس وصفا ؛ ومن روى بيت امرئ القيس : صرابة حنظل ، أراد الصفاء والملوسة ، ومن روى : صراية ، أراد نقيع ماء الحنظل ، وهو أحمر صاف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية