الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صرد

                                                          صرد : الصرد والصرد : البرد ، وقيل : شدته صرد بالكسر يصرد صردا ، فهو صرد من قوم صردى . الليث : الصرد مصدر الصرد من البرد . قال : والاسم الصرد مجزوم ؛ قال رؤبة :


                                                          بمطر ليس بثلج صرد

                                                          وفي الحديث : ذاكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء وسط الشجر الذي تحات ورقه من الصريد ؛ هو البرد ؛ ويروى : من الجليد . وفي الحديث : سئل ابن عمر عما يموت في البحر صردا ، فقال : لا بأس به ، يعني السمك الذي يموت فيه من البرد . ويوم صرد وليلة صردة : شديدة البرد . أبو عمرو : الصرد مكان مرتفع من الجبال ، وهو أبردها ، قال الجعدي :


                                                          أسدية تدعى الصراد إذا     نشبوا وتحضر جانبي شعر

                                                          قال : شعر جبل . الجوهري : الصرد البرد ، فارسي معرب . والصرود من البلاد : خلاف الجروم أي الحارة . ورجل مصراد : لا يصبر على البرد ؛ وفي التهذيب : هو الذي يشتد عليه البرد ويقل صبره عليه ؛ وفي الصحاح : هو الذي يجد البرد سريعا ؛ قال الساجع :


                                                          أصبح قلبي صردا     لا يشتهي أن يردا

                                                          وفي حديث أبي هريرة سأله رجل ، فقال : إني رجل مصراد ؛ هو الذي يشتد عليه البرد ، ولا يطيقه . والمصراد أيضا : القوي على البرد ؛ فهو من الأضداد . والصراد : ريح باردة مع ندى . وريح مصراد : ذات صرد أو صراد ؛ قال الشاعر :


                                                          إذا رأين حرجفا مصرادا     ولينها أكسية حدادا

                                                          والصراد والصريد والصردى : سحاب بارد تسفره الريح . الأصمعي : الصراد سحاب بارد ندي ليس فيه ماء ؛ وفي الصحاح : غيم رقيق لا ماء فيه . ابن الأعرابي : الصريدة النعجة التي قد أنحلها البرد وأضر بها ، وجمعها الصرائد ، وفي المحكم : الصريدة التي أنحلها البرد وأضر بها عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


                                                          لعمرك إني والهزبر وعارما     وثورة عشنا في لحوم الصرائد

                                                          ويروى : " فيا ليت أني والهزبر " . وأرض صرد : باردة ، والجمع صرود . وصرد عن الشيء صردا ، وهو صرد : انتهى ، الأزهري : إذا انتهى القلب عن شيء صرد عنه ، كما قال :


                                                          أصبح قلبي صردا

                                                          قال : وقد يوصف الجيش بالصرد . وجيش صرد وصرد مجزوم : [ ص: 223 ] تراه من تؤدته كأنه سيره جامد ، وذلك لكثرته ، وهو معنى قول النابغة الجعدي :


                                                          بأرعن مثل الطود تحسب أنهم     وقوف لحاج والركاب تهملج

                                                          قال خفاف بن ندبة :


                                                          صرد توقص بالأبدان جمهور

                                                          والتوقص : ثقل الوطء على الأرض . والتصريد : سقي دون الري ، وقال عمر يرثي عروة بن مسعود :


                                                          يسقون منها شرابا غير تصريد

                                                          ؛ وفي التهذيب : شرب دون الري . يقال : صرد شربه أي قطعه . وصرد السقاء صردا أي خرج زبده منقطعا فيداوى بالماء الحار ، ومن ذلك أخذ صرد البرد . والتصريد في العطاء : تقليله وشراب مصرد أي مقلل ، وكذلك الذي يسقى قليلا أو يعطى قليلا . وفي الحديث : لن يدخل الجنة إلا تصريدا أي قليلا . وصرد العطاء : قلله . والصرد : الطعن النافذ . وصرد الرمح والسهم يصرد صردا : نفذ حده . وصرده هو وأصرده : أنفذه من الرمية ، وأنا أصردته ؛ وقال اللعين المنقري يخاطب جريرا والفرزدق :


                                                          فما بقيا علي تركتماني     ولكن خفتما صرد النبال

                                                          وأصرد السهم : أخطأ . وقال أبو عبيدة في بيت اللعين : من أراد الصواب ، قال : خفتما أن تصيب نبالي ، ومن أراد الخطأ قال : خفتما إخطاء نبالكما . والصرد والصرد : الخطأ في الرمح والسهم ونحوهما ، فهو على هذا ضد . وسهم مصراد وصارد أي نافذ . وقال قطرب : سهم مصرد مصيب وسهم مصرد أي مخطئ ؛ وأنشد في الإصابة :


                                                          على ظهر مرنان بسهم مصرد

                                                          أي مصيب ؛ وقال الآخر :


                                                          أصرده الموت وقد أطلا

                                                          أي أخطأه . والصرد : طائر فوق العصفور ، وقال الأزهري : يصيد العصافير ؛ وقول أبي ذؤيب :


                                                          حتى استبانت مع الإصباح رامتها     كأنه في حواشي ثوبه صرد

                                                          أراد : أنه بين حاشيتي ثوبه صرد من خفته وتضاؤله ، والجمع صردان ؛ قال حميد الهلالي :


                                                          كأن وحى الصردان في جوف ضالة     تلهجم لحييه إذا ما تلهجما

                                                          وفي الحديث : نهي المحرم عن قتل الصرد ، وفي حديث آخر : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع : النملة والنحلة والصرد والهدهد ، وروي عن إبراهيم الحربي أنه قال : أراد بالنملة الكبار الطويلة القوائم التي تكون في الخربات ، وهي لا تؤذي ولا تضر ، ونهى عن قتل النحلة ؛ لأنها تعسل شرابا فيه شفاء للناس ، ومنه الشمع ، ونهى عن قتل الصرد ؛ لأن العرب كانت تطير من صوته وتتشاءم بصوته وشخصه ؛ وقيل : إنما كرهوه من اسمه من التصريد ، وهو التقليل ، وهو الواقي عندهم ونهى عن قتله ردا للطيرة ، ونهى عن قتل الهدهد ؛ لأنه أطاع نبيا من الأنبياء وأعانه ، وفي النهاية : أما نهيه عن قتل الهدهد والصرد فلتحريم لحمهما ؛ لأن الحيوان إذا نهي عن قتله ولم يكن ذلك لاحترامه أو لضرر فيه كان لتحريم لحمه ، ألا ترى أنه نهي عن قتل الحيوان لغير مأكله ؟ ويقال : إن الهدهد منتن الريح فصار في معنى الجلالة ، وقيل : الصرد طائر أبقع ضخم الرأس يكون في الشجر نصفه أبيض ونصفه أسود ضخم المنقار له برثن عظيم نحو من القارية في العظم ، ويقال له الأخطب لاختلاف لونيه ، والصرد لا تراه إلا في شعبة أو شجرة لا يقدر عليه أحد . قال سكين النميري : الصرد صردان : أحدهما أسبد يسميه أهل العراق العقعق ، وأما الصرد الهمهام ، فهو البري الذي يكون بنجد في العضاه لا تراه إلا في الأرض يقفز من شجر إلى شجر ، قال : وإن أصحر وطرد فأخذ يقول : لو وقع إلى الأرض لم يستقل حتى يؤخذ ، قال : ويصرصر كالصقر ، وروي عن مجاهد ، قال : لا يصاد بكلب مجوسي ، ولا يؤكل من صيد المجوسي إلا السمك ، وكره لحم الصرد ، وهو من سباع الطير ، وروي عن مجاهد في قوله تعالى : سكينة من ربكم ؛ قال : أقبلت السكينة والصرد وجبريل مع إبراهيم من الشام . والصرد : البحت الخالص من كل شيء . أبو زيد : يقال أحبك حبا صردا أي خالصا وشراب صرد . وسقاه الخمر صردا أي صرفا ؛ وأنشد :


                                                          فإن النبيذ الصرد إن شرب وحده     على غير شيء أوجع الكبد جوعها

                                                          وذهب صرد : خالص . وجيش صرد : بنو أب واحد لا يخالطهم غيرهم . وقال أبو عبيدة : يقال معه جيش صرد أي كلهم بنو عمه ؛ وكذب صرد . أبو عبيدة : الصرد أن يخرج وبر أبيض في موضع الدبرة إذا برأت فيقال لذلك الموضع صرد ، وجمعه صردان ؛ وإياها عنى الراعي يصف إبلا :


                                                          كأن مواضع الصردان منها     منارات بدين على خمار

                                                          جعل الدبر في أسنمة شبهها بالمنار . الجوهري : الصرد بياض يكون على ظهر الفرس من أثر الدبر . ابن سيده : والصرد بياض يكون في سنام البعير ، والجمع كالجمع . والصرد كالبياض يكون على ظهر الفرس من السرج . يقال : فرس صرد إذا كان بموضع السرج منه بياض من دبر أصابه ، يقال له : الصرد ؛ وقال الأصمعي : الصرد من الفرس عرق تحت لسانه ؛ وأنشد :


                                                          خفيف النعامة ذو ميعة     كثيف الفراشة ناتي الصرد

                                                          ابن سيده : والصرد عرق في أسفل لسان الفرس . والصردان : عرقان أخضران يستبطنان اللسان ، وقيل : هما عظمان يقيمانه ، وقيل : الصردان عرقان مكتنفان اللسان ؛ وأنشد ليزيد بن الصعق :

                                                          [ ص: 224 ]

                                                          وأي الناس أعذر من شآم     له صردان منطلقا اللسان

                                                          أي ذربان . قال الليث : الصردان عرقان أخضران أسفل اللسان فيهما يدور اللسان ؛ قاله الكسائي . والصرد : مسمار يكون في سنان الرمح ؛ قال الراعي :


                                                          منها صريع وضاغ فوق حربته     كما ضغا تحت حد العامل الصرد

                                                          وصرد الشعير والبر : طلع سفاهما ولم يطلع سنبلهما ، وقد كاد ؛ قال ابن سيده : هذه عن الهجري . قال شمر : تقول العرب للرجل : افتح صردك تعرف عجرك وبجرك ، قال : صرده نفسه يقول : افتح صردك تعرف لؤمك من كرمك وخيرك من شرك . ويقال : لو فتح صرده عرف عجره وبجره أي عرف أسرار ما يكتم . الجوهري : والصمرد بالكسر الناقة القليلة اللبن . وبنو الصارد : حي من بني مرة بن عوف بن غطفان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية