الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب تحريم بيع حبل الحبلة

                                                                                                                1514 حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح قالا أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن نافع عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع حبل الحبلة [ ص: 122 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 122 ] باب تحريم بيع حبل الحبلة

                                                                                                                فيه حديث ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة ) هي بفتح الحاء والباء في الحبل وفي الحبلة ، قال القاضي : ورواه بعضهم بإسكان الباء في الأول وهو قوله : ( حبل ) وهو غلط ، والصواب الفتح . قال أهل اللغة : ( الحبلة ) هنا جمع حابل كظالم وظلمة وفاجر وفجرة وكاتب وكتبة ، قال الأخفش : يقال حبلت المرأة فهي حابل ، والجمع نسوة حبلة . وقال ابن الأنباري : الهاء في الحبلة للمبالغة ووافقه بعضهم . واتفق أهل اللغة على أن الحبل مختص بالآدميات ، ويقال في غيرهن : الحمل . يقال : حملت المرأة ولدا وحبلت بولد ، وحملت الشاة سخلة ، ولا يقال : حبلت . قال أبو عبيد : لا يقال لشيء من الحيوان حبل إلا ما جاء في هذا الحديث .

                                                                                                                واختلف العلماء في المراد بالنهي عن بيع حبل الحبلة . فقال جماعة : هو البيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة ويلد ولدها . وقد ذكر مسلم في هذا الحديث هذا التفسير عن ابن عمر ، وبه قال مالك والشافعي ومن تابعهم ، وقال آخرون : هو بيع ولد الناقة الحامل في الحال وهذا تفسير أبي عبيد معمر بن المثنى وصاحبه أبي عبيد القاسم بن سلام وآخرين من أهل اللغة ، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ، وهذا أقرب إلى اللغة لكن الراوي هو ابن عمر وقد فسره بالتفسير الأول وهو أعرف . ومذهب الشافعي ومحققي الأصوليين أن تفسير الراوي مقدم إذا لم يخالف الظاهر وهذا البيع باطل على التفسيرين : أما الأول فلأنه بيع بثمن إلى أجل مجهول والأجل يأخذ قسطا من الثمن ، وأما الثاني فلأنه بيع معدوم ومجهول وغير مملوك للبائع وغير مقدور على تسليمه ، والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية