الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صرع

                                                          صرع : الصرع : الطرح بالأرض وخصه في التهذيب بالإنسان صارعه فصرعه يصرعه صرعا وصرعا الفتح لتميم والكسر لقيس ؛ عن يعقوب ، فهو مصروع وصريع ، والجمع صرعى ؛ والمصارعة والصراع : معالجتهما أيهما يصرع صاحبه . وفي الحديث : مثل المؤمن كالخامة من الزرع تصرعها الريح مرة وتعدلها أخرى ، أي تميلها وترميها من جانب إلى جانب . والمصرع : موضع ومصدر ، قال هوبر الحارثي :


                                                          بمصرعنا النعمان يوم تألبت إلينا تميم من شظى وصميم


                                                          تزود منا بين أذنيه طعنة     دعته إلى هابي التراب عقيم

                                                          ورجل صراع وصريع بين الصراعة وصروع : شديد الصرع ، وإن لم يكن معروفا بذلك وصرعة : كثير الصرع لأقرانه يصرع الناس وصرعة : يصرع كثيرا يطرد على هذين باب . وفي الحديث : أنه صرع عن دابة فجحش شقه ، أي سقط عن ظهرها . وفي الحديث أيضا : أنه أردف صفية فعثرت ناقته فصرعا جميعا . ورجل صريع مثال فسيق : كثير الصرع لأقرانه ؛ وفي التهذيب : رجل صريع إذا كان ذلك صنعته وحاله التي يعرف بها . ورجل صراع إذا كان شديد الصرع ، وإن لم يكن معروفا . ورجل صروع الأقران أي كثير الصرع لهم . والصرعة : هم القوم الذين يصرعون من صارعوا . قال الأزهري : يقال رجل صرعة وقوم صرعة ، وقد تصارع القوم واصطرعوا وصارعه مصارعة وصراعا . والصرعان : المصطرعان . ورجل حسن الصرعة مثل الركبة والجلسة ، وفي المثل : سوء الاستمساك خير من حسن الصرعة يقول : إذا استمسك ، وإن لم يحسن الركبة ، فهو خير من الذي يصرع صرعة لا تضره ؛ لأن الذي يتماسك قد يلحق ، والذي يصرع لا يبلغ . والصرع : علة معروفة . والصريع : المجنون ومررت بقتلى مصرعين شدد للكثرة . ومصارع القوم : حيث قتلوا . والمنية تصرع الحيوان على المثل . والصرعة : الحليم عند الغضب ؛ لأن حلمه يصرع غضبه على ضد معنى قولهم : الغضب غول الحلم . وفي الحديث : الصرعة - بضم الصاد وفتح الراء مثل الهمزة - الرجل الحليم عند الغضب ، وهو المبالغ في الصراع الذي لا يغلب فنقله إلى الذي يغلب نفسه عند الغضب ويقهرها ، فإنه إذا ملكها كان قد قهر أقوى أعدائه وشر خصومه ، ولذلك قال : أعدى عدو لك نفسك التي بين جنبيك ، وهذا من الألفاظ التي نقلها اللغويون عن وضعها لضرب من التوسع والمجاز ، وهو من فصيح الكلام ؛ لأنه لما كان الغضبان بحالة شديدة من الغيظ ، وقد ثارت عليه شهوة الغضب فقهرها بحلمه وصرعها بثباته كان كالصرعة الذي يصرع الرجال ، ولا يصرعونه . والصرع والصرع والضرع : الضرب والفن من الشيء ، والجمع أصرع وصروع ، وروى أبو عبيد بيت لبيد :


                                                          وخصم كبادي الجن أسقطت شأوهم     بمستحوذ ذي مرة وصروع

                                                          [ ص: 228 ] بالصاد المهملة أي بضروب من الكلام ، وقد رواه ابن الأعرابي بالضاد المعجمة ، وقال غيره : صروع الحبل قواه . ابن الأعرابي : يقال هذا صرعه وصرعه وضرعه وضرعه وطبعه وطلعه وطباعه وطبيعه وسنه وقرنه وقرنه وشلوه وشلته أي مثله ؛ وقول الشاعر :


                                                          ومنجوب له منهن صرع     يميل إذا عدلت به الشوارا

                                                          هكذا رواه الأصمعي أي له منهن مثل ، قال ابن الأعرابي : ويروى ضرع بالضاد المعجمة وفسره بأنه الحلبة . والصرعان : إبلان ترد إحداهما حين تصدر الأخرى لكثرتها ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          مثل البرام غدا في أصدة خلق     لم يستعن وحوامي الموت تغشاه
                                                          فرجت عنه بصرعينا لأرملة     وبائس جاء معناه كمعناه

                                                          قال يصف سائلا شبهه بالبرام ، وهو القراد . لم يستعن : يقول لم يحلق عانته . وحوامي الموت وحوائمه : أسبابه . وقوله : بصرعينا ، أراد بها إبلا مختلفة التمشاء تجيء هذه وتذهب هذه لكثرتها ، هكذا رواه بفتح الصاد ، وهذا الشعر أورده الشيخ ابن بري عن أبي عمرو وأورد صدر البيت الأول :


                                                          ومرهق سال إمتاعا بأصدته

                                                          والصرع : المثل ؛ قال ابن بري شاهده قول الراجز :


                                                          إن أخاك في الأشاوي صرعكا

                                                          والصرعان والضرعان بالكسر : المثلان . يقال : هما صرعان وشرعان وحتنان وقتلان كله بمعنى . والصرعان : الغداة والعشي ، وزعم بعضهم أنهم أرادوا العصرين فقلب . يقال : أتيته صرعى النهار وفلان يأتينا الصرعين أي غدوة وعشية ، وقيل : الصرعان نصف النهار الأول ونصفه الآخر ؛ وقول ذي الرمة :


                                                          كأنني نازع يثنيه عن وطن     صرعان رائحة عقل وتقييد

                                                          أراد عقل عشية وتقييد غدوة فاكتفى بذكر أحدهما يقول : كأنني بعير نازع إلى وطنه ، وقد ثناه عن إرادته عقل وتقييد فعقله بالغداة ليتمكن في المرعى وتقييده بالليل خوفا من شراده . ويقال : طلبت من فلان حاجة فانصرفت ، وما أدري على أي صرعي أمره هو أي لم يتبين لي أمره ؛ قال يعقوب : أنشدني الكلابي :


                                                          فرحت وما ودعت ليلى وما درت     على أي صرعي أمرها أتروح

                                                          يعني أواصلا تروحت من عندها أو قاطعا . ويقال : إنه ليفعل ذلك على كل صرعة أي يفعل ذلك على كل حال . ويقال للأمر صرعان أي طرفان . ومصراعا الباب : بابان منصوبان ينضمان جميعا مدخلهما في الوسط من المصراعين ؛ وقول رؤبة :


                                                          إذ حاز دوني مصرع الباب المصك

                                                          يحتمل أن يكون عندهم المصرع لغة في المصراع ، ويحتمل أن يكون محذوفا منه . وصرع الباب : جعل له مصراعين ؛ قال أبو إسحاق : المصراعان بابا القصيدة بمنزلة المصراعين اللذين هما بابا البيت ، قال : واشتقاقهما من الصرعين ، وهما نصفا النهار ، قال : فمن غدوة إلى انتصاف النهار صرع ، ومن انتصاف النهار إلى سقوط القرص صرع . قال الأزهري : والمصراعان من الشعر ما كان فيه قافيتان في بيت واحد ، ومن الأبواب ما له بابان منصوبان ينضمان جميعا مدخلهما بينهما في وسط المصراعين ، وبيت من الشعر مصرع له مصراعان ، وكذلك باب مصرع . والتصريع في الشعر : تقفية المصراع الأول مأخوذ من مصراع الباب ، وهما مصرعان ، وإنما وقع التصريع في الشعر ليدل على أن صاحبه مبتدئ إما قصة ، وإما قصيدة ، كما أن إما ، إنما ابتدئ بها في قولك : ضربت إما زيدا ، وإما عمرا ليعلم أن المتكلم شاك ؛ فمما العروض فيه أكثر حروفا من الضرب فنقص في التصريع حتى لحق بالضرب قول امرئ القيس :

                                                          لمن طلل أبصرته فشجاني كخط زبور في عسيب يماني ؟ فقوله شجاني فعولن ، وقوله يماني فعولن ، والبيت من الطويل ، وعروضه المعروف ، إنما هو مفاعلن ، ومما زيد في عروضه حتى ساوى الضرب قول امرئ القيس :


                                                          ألا انعم صباحا أيها الطلل البالي     وهل ينعمن من كان في العصر الخالي

                                                          وصرع البيت من الشعر : جعل عروضه كضربه . والصريع القضيب من الشجر ينهصر إلى الأرض فيسقط عليها ، وأصله في الشجرة فيبقى ساقطا في الظل لا تصيبه الشمس فيكون ألين من الفرع وأطيب ريحا ، وهو يستاك به ، والجمع صرع . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يستاك بالصرع ؛ قال الأزهري : الصريع القضيب يسقط من شجر البشام ، وجمعه صرعان . والصريع أيضا : ما يبس من الشجر ، وقيل : إنما هو الصريف بالفاء ، وقيل : الصريع السوط أو القوس الذي لم ينحت منه شيء ، ويقال الذي جف عوده على الشجرة ؛ وقول لبيد :


                                                          منها مصارع غابة وقيامها

                                                          قال : المصارع جمع مصروع من القضب ، يقول : منها مصروع ، ومنها قائم ، والقياس مصاريع . وذكر الأزهري في ترجمة صعع عن أبي المقدام السلمي قال : تصرع الرجل لصاحبه وتصرع إذا ذل واستخذى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية