الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صعر

                                                          صعر : الصعر : ميل في الوجه ، وقيل : الصعر الميل في الخد خاصة ، وربما كان خلقة في الإنسان والظليم ، وقيل : هو ميل في العنق ، وانقلاب في الوجه إلى أحد الشقين . وقد صعر خده وصاعره : أماله من الكبر ، قال المتلمس ، واسمه جرير بن عبد المسيح :


                                                          وكنا إذا الجبار صعر خده أقمنا له من ميله فتقوما



                                                          يقول : إذا أمال متكبر خده أذللناه حتى يتقوم ميله ، وقيل : الصعر داء يأخذ البعير فيلوي منه عنقه ويميله . صعر صعرا ، وهو أصعر ؛ قال أبو دهبل : أنشده أبو عمرو بن العلاء :


                                                          وترى لها دلا إذا نطقت     تركت بنات فؤاده صعرا



                                                          وقول أبي ذؤيب :


                                                          فهن صعر إلى هدر الفنيق ولم     يجر ولم يسله عنهن إلقاح



                                                          عداه بإلى لأنه في معنى موائل ، كأنه قال : فهن موائل إلى هدر الفنيق . ويقال : أصاب البعير صعر وصيد أي أصابه داء يلوي منه عنقه . ويقال للمتكبر : فيه صعر وصيد . ابن الأعرابي : الصعر والصعل صغر الرأس . والصعر : التكبر . وفي الحديث كل صعار ملعون ؛ أي كل ذي كبر وأبهة ، وقيل : الصعار المتكبر ؛ لأنه يميل بخده ويعرض عن الناس بوجهه ، ويروى بالقاف بدل العين وبالضاد المعجمة والفاء والزاي وسيذكر في موضعه . وفي التنزيل : ولا تصعر خدك للناس ؛ وقرئ : ولا تصاعر ؛ قال الفراء : معناهما الإعراض من الكبر ؛ وقال أبو إسحاق : معناه لا تعرض عن الناس تكبرا ، ومجازه لا تلزم خدك الصعر . وأصعره : كصعره . والتصعير : إمالة الخد عن النظر إلى الناس تهاونا من كبر كأنه معرض . وفي الحديث : يأتي على الناس زمان ليس فيهم إلا أصعر أو أبتر ، يعني رذالة الناس الذين لا دين لهم ، وقيل : ليس فيهم إلا ذاهب بنفسه أو ذليل . وقال ابن الأثير : الأصعر المعرض بوجهه كبرا . في حديث عمار : لا يلي الأمر بعد فلان إلا كل أصعر أبتر أي كل معرض عن الحق ناقص . ولأقيمن صعرك أي ميلك على المثل . وفي حديث توبة كعب : فأنا إليه أصعر أي أميل . وفي حديث الحجاج : أنه كان أصعر كهاكها ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          ومحشك أملحيه ولا تخافي     على زغب مصعرة صغار



                                                          قال : فيها صعر من صغرها ، يعني ميلا : وقرب مصعر : شديد ؛ قال :


                                                          وقد قربن قربا مصعرا     إذا الهدان حار واسبكرا



                                                          والصيعرية : اعتراض في السير ، وهو من الصعر . والصيعرية : سمة في عنق الناقة خاصة . وقال أبو علي في التذكرة : الصيعرية وسم لأهل اليمن لم يكن يوسم به إلا النوق ، قال ؛ وقول المسيب بن علس :


                                                          وقد أتناسى الهم عند احتضاره     بناج عليه الصيعرية مكدم



                                                          يدل على أنه قد يوسم بها الذكور . وقال أبو عبيد : الصيعرية سمة في عنق البعير ، ولما سمع طرفة هذا البيت من المسيب ، قال له : استنوق الجمل أي أنك كنت في صفة جمل ، فلما قلت الصيعرية عدت إلى ما توصف به النوق ، يعني أن الصيعرية سمة لا تكون إلا للإناث ، وهي النوق . وأحمر صيعري : قانئ . وصعرر الشيء فتصعرر : دحرجه فتدحرج واستدار ؛ قال الشاعر :


                                                          يبعرن مثل الفلفل المصعرر



                                                          وقد صعررت صعرورة والصعرورة : دحروجة الجعل يجمعها فيديرها ويدفعها ، وقد صعررها ، والجمع صعارير . وكل حمل شجرة تكون مثل الأبهل والفلفل وشبهه مما فيه صلابة ، فهو صعرور ، [ ص: 241 ] وهو الصعارير . والصعرور : الصمغ الدقيق الطويل الملتوي ، وقيل : هو الصمغ عامة ، وقيل : الصعارير صمغ جامد يشبه الأصابع ، وقيل : الصعرور القطعة من الصمغ ؛ قال أبو حنيفة : الصعرورة بالهاء الصمغة الصغيرة المستديرة ؛ وأنشد :


                                                          إذا أورق العبسي جاع عياله     ولم يجدوا إلا الصعارير مطعما



                                                          ذهب بالعبسي مجرى الجنس كأنه قال : أورق العبسيون ، ولولا ذلك لقال : ولم يجد ، ولم يقل : ولم يجدوا ، وعنى أن معوله في قوته وقوت بناته على الصيد ، فإذا أورق لم يجد طعاما إلا الصمغ ، قال : وهم يقتاتون الصمغ . والصعر : أكل الصعارير ، وهو الصمغ . قال أبو زيد : الصعرور بغير هاء صمغة تطول وتلتوي ، ولا تكون صعرورة إلا ملتوية ، وهي نحو الشبر . وقال مرة عن أبي نصر : الصعرور يكون مثل القلم وينعطف بمنزلة القرن . والصعارير : الأباخس الطوال ، وهي الأصابع ، واحدها أبخس . والصعارير : اللبن المصمغ في اللباء قبل الإفصاح . والاصعرار : السير الشديد ، يقال : اصعرت الإبل اصعرارا ، ويقال : اصعرت الإبل واصعنفرت وتمشمشت وامذقرت إذا تفرقت . وضربه فاصعنرر واصعرر بإدغام النون في الراء أي استدار من الوجع مكانه وتقبض . والصمعر : الشديد والميم زائدة ، يقال : رجل صمعري . والصمعرة : الأرض الغليظة . وقال أبو عمرو : الصعارير ما جمد من اللثا . وقد سموا أصعر وصعيرا وصعران ، وثعلبة بن صعير المازني .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية