الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صفن

                                                          صفن : الصفن والصفن والصفنة والصفنة : وعاء الخصية . وفي الصحاح : الصفن بالتحريك جلدة بيضة الإنسان ، والجمع أصفان . وصفنه يصفنه صفنا : شق صفنه . والصفن : كالسفرة بين العيبة والقربة يكون فيها المتاع ، وقيل : الصفن من أدم كالسفرة لأهل البادية يجعلون فيها زادهم ، وربما استقوا به الماء كالدلو ؛ ومنه قولأبي دواد :


                                                          هرقت في حوضه صفنا ليشربه في دائر خلق الأعضاد أهدام



                                                          ويقال : الصفن هنا الماء . وفي حديث عمر رضي الله عنه : لئن بقيت لأسوين بين الناس حتى يأتي الراعي حقه في صفنه لم يعرق فيه جبينه . أبو عمرو : الصفن بالضم خريطة يكون للراعي فيها طعامه وزناده وما يحتاج إليه ؛ قال ساعدة بن جؤية :


                                                          معه سقاء لا يفرط حمله     صفن وأخراص يلحن ومسأب



                                                          وقيل : هي السفرة التي تجمع بالخيط وتضم صادها وتفتح ، وقال الفراء : هو شيء مثل الدلو أو الركوة يتوضأ فيه ؛ وأنشد لأبي صخر الهذلي يصف ماء ورده :


                                                          فخضخضت صفني في جمه     خياض المدابر قدحا عطوفا



                                                          قال أبو عبيد : ويمكن أن يكون كما قال أبو عمرو والفراء جميعا أن يستعمل الصفن في هذا وفي هذا ، قال : وسمعت من يقول الصفن بفتح الصاد والصفنة أيضا بالتأنيث . ابن الأعرابي : الصفنة بفتح الصاد هي السفرة التي تجمع بالخيط ؛ ومنه يقال : صفن ثيابه في سرجه إذا جمعها . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم عوذ عليا حين ركب ، وصفن ثيابه في سرجه أي جمعها فيه . أبو عبيد : الصفنة كالعيبة يكون فيها متاع الرجل وأداته ، فإذا طرحت الهاء ضممت الصاد وقلت صفن ، والصفن بضم الصاد : الركوة . وفي حديث علي عليه السلام : الحقني بالصفن أي بالركوة . والصفن : جلد الأنثيين بفتح الفاء والصاد ؛ ومنه قول جرير :


                                                          يتركن أصفان الخصى جلاجلا



                                                          والصفنة : دلو صغيرة لها حلقة واحدة ، فإذا عظمت فاسمها الصفن ، والجمع أصفن ، قال :


                                                          غمرتها أصفنا من آجن سدم     كأن ما ماص منه في الفم الصبر



                                                          عدى غمرت إلى مفعولين لأنها بمعنى سقيت . والصافن : عرق ينغمس في الذراع في عصب الوظيف . والصافنان : عرقان في الرجلين ، وقيل : شعبتان في الفخذين . والصافن : عرق في باطن الصلب طولا متصل به نياط القلب ، ويسمى الأكحل غيره : ويسمى الأكحل من البعير الصافن ، وقيل : الأكحل من الدواب الأبجل . وقال أبو الهيثم لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة : حتى متى تقول هذا الشعر ؟ : الأكحل والأبجل والصافن هي العروق التي تفصد ، وهي في الرجل صافن ، وفي اليد أكحل . الجوهري : الصافن عرق الساق . ابن شميل : الصافن عرق ضخم في باطن الساق حتى يدخل الفخذ ، فذلك الصافن . وصفن الطائر الحشيش والورق يصفنه صفنا وصفنه : نضده لفراخه ، والصفن : ما نضده من ذلك . الليث : كل دابة وخلق شبه زنبور ينضد حول مدخله ورقا أو حشيشا أو نحو ذلك ، ثم يبيت في وسطه بيتا لنفسه أو لفراخه فذلك الصفن ، وفعله التصفين . وصفنت الدابة تصفن صفونا : قامت على ثلاث وثنت سنبك يدها الرابع . أبو زيد : صفن الفرس إذا قام على طرف الرابعة . وفي التنزيل العزيز : إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد . وصفن يصفن صفونا : صف قدميه . وخيل صفون : كقاعد [ ص: 257 ] وقعود ؛ وأنشد ابن الأعرابي في صفة فرس :


                                                          ألف الصفون فلا يزال كأنه     مما يقوم على الثلاث كسيرا

                                                          قوله : ( مما يقوم ) لم يرد من قيامه ، وإنما أراد من الجنس الذي يقوم على الثلاث وجعل ( كسيرا ) حالا من ذلك النوع الزمن لا من الفرس المذكور في أول البيت ؛ قال الشيخ : جعل ( ما ) اسما منكورا . أبو عمرو : صفن الفرس برجله وبيقر بيده : إذا قام على طرف حافره . ومنه حديث البراء بن عازب : كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه من الركوع قمنا خلفه صفونا ، وإذا سجد تبعناه ، أي واقفين قد صفنا أقدامنا ؛ قال أبو عبيد : قوله ( صفونا ) يفسر الصافن تفسيرين : فبعض الناس يقول كل صاف قدميه قائما ، فهو صافن ، والقول الثاني : إن الصافن من الخيل الذي قد قلب أحد حوافره وقام على ثلاث قوائم . وفي الصحاح : الصافن من الخيل القائم على ثلاث قوائم . وقد أقام الرابعة على طرف الحافر ، وقد قيل : الصافن : القائم على الإطلاق ؛ قال الكميت :


                                                          نعلمهم بها ما علمتنا     أبوتنا جواري أو صفونا

                                                          وفي الحديث : من سره أن يقوم له الناس صفونا أي واقفين . والصفون : المصدر أيضا ، ومنه الحديث : فلما دنا القوم صافناهم أي واقفناهم وقمنا حذاءهم . وفي الحديث : نهى عن صلاة الصافن أي : الذي يجمع بين قدميه ، وقيل : هو أن يثني قدمه إلى ورائه ، كما يفعل الفرس إذا ثنى حافره . وفي حديث مالك بن دينار : رأيت عكرمة يصلي ، وقد صفن بين قدميه . وكان ابن عباس وابن مسعود يقرءان : فاذكروا اسم الله عليها صوافن . بالنون ، فأما ابن عباس ففسرها معقولة إحدى يديها على ثلاث قوائم ، والبعير إذا نحر فعل به ذلك ، وأما ابن مسعود فقال : يعني قياما . وقال الفراء : رأيت العرب تجعل الصافن القائم على ثلاث وعلى غير ثلاث ، قال : وأشعارهم تدل على أن الصفون القيام خاصة ؛ وأنشد :


                                                          وقام المها يقفلن كل مكبل     كما رص أيقا مذهب اللون صافن

                                                          المها : البقر ، يعني النساء ، والمكبل : أراد الهودج ، يقفلن : يسددن ، كما رص : كما قيد وألزق ، والأيق : الرسغ ، مذهب اللون : أراد فرسا يعلوه صفرة ، صافن : قائم على ثلاث قوائم ، قال : وأما الصائن ، فهو القائم على طرف حافره من الحفا والعرب تقول لجمع الصافن صوافن وصافنات وصفون . وتصافن القوم الماء : إذا كانوا في سفر فقل عندهم فاقتسموه على الحصاة . أبو عمرو : تصافن القوم تصافنا ، وذلك إذا كانوا في سفر ، ولا ماء معهم ، ولا شيء يقتسمونه على حصاة يلقونها في الإناء يصب فيه من الماء بقدر ما يغمر الحصاة فيعطاه كل رجل منهم ؛ وقال الفرزدق :


                                                          فلما تصافنا الإداوة أجهشت إلي     غضون العنبري الجراضم

                                                          الجوهري : تصافن القوم الماء : اقتسموه بالحصص ، وذلك إنما يكون بالمقلة تسقي الرجل قدر ما يغمرها ، فإن كانت من ذهب أو فضة ، فهي البلد . وصفينة : قرية كثيرة النخل غناء في سواد الحرة ؛ قالت الخنساء :


                                                          طرق النعي على صفينة غدوة     ونعى المعمم من بني عمرو

                                                          أبو عمرو : الصفن والصفنة الشقشقة . وصفين : موضع كانت به وقعة بين علي عليه السلام ومعاوية رضي الله عنه ؛ قال ابن بري : وحقه أن يذكر في باب الفاء في ترجمة صفف ؛ لأن نونه زائدة بدليل قولهم صفون فيمن أعربه بالحروف . وفي حديث أبي وائل : شهدت صفين وبئست الصفون ، وفيها وفي أمثالها لغتان : إحداهما إجراء الإعراب على ما قبل النون وتركها مفتوحة كجمع السلامة ، كما قال أبو وائل ، والثانية أن تجعل النون حرف الإعراب وتقر الياء بحالها فتقول : هذه صفين ورأيت صفين ومررت بصفين ، وكذلك تقول في قنسرين وفلسطين ويبرين .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية