الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب من باع نخلا عليها ثمر

                                                                                                                1543 حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع قال أهل اللغة : يقال : أبرت النخل آبره أبرا بالتخفيف كأكلته أكلا ، وأبرته بالتشديد أأبره تأبيرا كعلمته أعلمه تعليما ، وهو أن يشق طلع النخلة ليدر فيه شيء من طلع ذكر النخل ، والإبار هو شقه سواء حط [ ص: 147 ] فيه شيء أو لا . ولو تأبرت بنفسها أي تشققت فحكمها في البيع حكم المؤبرة بفعل الآدمي ، هذا مذهبنا .

                                                                                                                وفي هذا الحديث جواز الإبار للنخل وغيره من الثمار وقد أجمعوا على جوازه .

                                                                                                                وقد اختلف العلماء في حكم بيع النخل المبيعة بعد التأبير وقبله ، هل تدخل فيها الثمرة عند إطلاق بيع النخلة من غير تعرض للثمرة بنفي ولا إثبات ؟ فقال مالك والشافعي والليث والأكثرون : إن باع النخلة بعد التأبير فثمرتها للبائع ، إلا أن يشترطها المشتري بأن يقول : اشتريت النخلة بثمرتها هذه . وإن باعها قبل التأبير فثمرتها للمشتري ، فإن شرطها البائع لنفسه جاز عند الشافعي والأكثرين ، وقال مالك : لا يجوز شرطها للبائع ، وقال أبو حنيفة : هي للبائع قبل التأبير وبعده عند الإطلاق وقال ابن أبي ليلى : هي للمشتري قبل التأبير وبعده ، فأما الشافعي والجمهور فأخذوا في المؤبرة بمنطوق الحديث وفي غيرها بمفهومه وهو دليل الخطاب وهو حجة عندهم ، وأما أبو حنيفة فأخذ بمنطوقه في المؤبرة وهو لا يقول بدليل الخطاب فألحق غير المؤبرة بالمؤبرة ، واعترضوا عليه بأن الظاهر يخالف المستتر في بيع حكم التبعية في البيع كما أن الجنين يتبع الأم في البيع ولا يتبعها الولد المنفصل . وأما ابن أبي ليلى فقوله باطل ، منابذ لصريح السنة ، ولعله لم يبلغه الحديث ، والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية