الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5471 ) مسألة ; قال : وما سمي لها ، وهما كافران ، فقبضته ، ثم أسلما ، فليس لها غيره ، وإن كان حراما . ولو لم تقبضه ، وهو حرام ، فلها عليه مهر مثلها ، أو نصفه ، حيث أوجب ذلك وجملته أن الكفار إذا أسلموا ، وتحاكموا إلينا بعد العقد والقبض ، لم نتعرض لما فعلوه ، وما قبضت من المهر فقد نفذ ، وليس لها غيره ، حلالا كان أو حراما ، بدليل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا } . فأمر بترك ما بقي دون ما قبض

                                                                                                                                            وقال تعالى : { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله } . ولأن التعرض للمقبوض بأبطاله يشق ، لتطاول الزمان ، وكثرة تصرفاتهم في الحرام ، ففيه تنفيرهم عن الإسلام ، فعفي عنه ، كما عفي عما تركوه من الفرائض والواجبات ، ولأنهما تقابضا بحكم الشرك ، فبرئت ذمة من هو عليه منه ، كما لو تبايعا بيعا فاسدا وتقابضا . وإن لم يتقابضا ، فإن كان المسمى حلالا ، وجب ما سمياه ; لأنه مسمى صحيح في نكاح صحيح ، فوجب ، كتسمية المسلم وإن كان حراما ، كالخمر والخنزير ، بطل ، ولم يحكم به ; لأن ما سمياه لا يجوز إيجابه في الحكم ، ولا يجوز أن يكون صداقا لمسلمة ، ولا في نكاح مسلم ، ويجب مهر المثل إن كان بعد الدخول ، ونصفه إن وقعت الفرقة قبل الدخول . وهذا معنى قوله : حيث أوجب ذلك

                                                                                                                                            وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف . وقال أبو حنيفة : إن كان أصدقها خمرا أو خنزيرا معينين ، فليس لها إلا ذلك وإن كانا غير معينين ، فلها في الخمر القيمة ، وفي الخنزير مهر المثل ، استحسانا . ولنا أن الخمر لا قيمة لها في الإسلام ، فكان الواجب مهر المثل ، كما لو أصدقها خنزيرا ، ولأنه محرم ، فأشبه ما ذكرنا

                                                                                                                                            ( 5472 ) فصل : وإن قبضت بعض الحرام دون بعض ، سقط من المهر بقدر ما قبض ، ووجب بحصة ما بقي من مهر المثل ، فإن كان الصداق عشرة زقاق خمر متساوية ، فقبضت خمسا منها سقط نصف المهر ، ووجب لها نصف مهر المثل ، وإن كانت مختلفة ، اعتبر ذلك بالكيل ، في أحد الوجهين ; لأنه إذا وجب اعتباره ، اعتبر بالكيل فيما له مثل [ ص: 131 ] يتأتى الكيل فيه . والثاني ، يقسم على عددها ; لأنه لا قيمة لها ، فاستوى صغيرها وكبيرها

                                                                                                                                            وإن أصدقها عشرة خنازير ، ففيه الوجهان ; أحدهما ، يقسم على عددها ; لما ذكرنا ، والثاني ، يعتبر قيمتها كأنها مما يجوز بيعه ، كما تقوم شجاج الحر كأنه عبد . وإن أصدقها كلبا وخنزيرين وثلاثة زقاق خمر ، ففيه ثلاثة أوجه ; أحدها ، يقسم على قدر قيمتها عندهم . والثاني ، يقسم على عدد الأجناس ، فيجعل لكل جنس ثلث المهر . والثالث ، يقسم على العدد كله ، فلكل واحد سدس المهر ، فللكلب سدسه ، ولكل واحد من الخنزيرين والزقاق سدسه . ومذهب الشافعي فيه على نحو من هذا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية