الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ صوح ]

                                                          صوح : تصوح البقل وصوح : تم يبسه ، وقيل : إذا أصابته آفة ويبس ؛ قال ابن بري : وقد جاء صوح البقل غير متعد بمعنى تصوح إذا يبس ؛ وعليه قول أبي علي البصير :


                                                          ولكن البلاد إذا اقشعرت وصوح نبتها رعي الهشيم

                                                          وصوحته الريح : أيبسته ؛ قال ذو الرمة :


                                                          وصوح البقل نأآج تجيء به     هيف يمانية في مرها نكب

                                                          وقيل : تصوح البقل إذا يبس أعلاه ، وفيه ندوة ؛ وأنشد للراعي :


                                                          وحاربت الهيف الشمال وآذنت [ ص: 303 ]     مذانب منها اللدن والمتصوح

                                                          وتصوحت الأرض من اليبس ، ومن البرد : يبس نباتها . والانصياح : كالتصوح . والصاحة من الأرض : التي لا تنبت شيئا أبدا . الأصمعي : إذا تهيأ النبات لليبس ، قيل : قد اقطار ، فإذا يبس وانشق ، قيل : قد تصوح ؛ قال الأزهري : وتصوحه من يبسه زمان الحر لا من آفة تصيبه . وفي الحديث : نهى عن بيع النخل قبل أن يصوح أي : قبل أن يستبين صلاحه وجيده من رديئه . وفي حديث ابن عباس : أنه سئل متى يحل شراء النخل ؟ فقال : حين يصوح ، ويروى بالراء ، وقد تقدم . وفي حديث الاستسقاء : اللهم انصاحت جبالنا أي تشققت وجفت لعدم المطر . يقال : صاحه يصوحه ، فهو منصاح إذا شقه . وصوح النبات إذا يبس وتشقق ، وفي حديث علي : فبادروا العلم من قبل تصويح نبته ، وفي حديث ابن الزبير : فهو ينصاح عليكم بوابل البلايا أي : ينشق عليكم ؛ قال الزمخشري : ذكره الهروي بالصاد والحاء ، قال : وهو تصحيف . وانصاح الثوب انصياحا : تشقق من قبل نفسه ، ومنه قول عبيد يصف مطرا قد ملأ الوهاد والقرارات :


                                                          فأصبح الروض والقيعان مترعة     ما بين مرتتق منها ومنصاح

                                                          قال : شمر : ورواه ابن الأعرابي :


                                                          من بين مرتفق منها ومنصاح

                                                          وفسر : المنصاح الفائض الجاري على وجه الأرض ، قال : والمرتفق الممتلئ . والمرتتق من النبات : الذي لم يخرج نوره وزهره من أكمامه . والمنصاح : الذي قد ظهر زهره . وقوله : منها ، يريد من نبتها فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ؛ قال : وروي عن أبي تمام الأسدي أنه أنشده :


                                                          من بين مرتفق منها ومن طاحي

                                                          وقال : الطاحي الذي فاض وسال وذهب . وتصايح غمد السيف إذا تشقق . وفي النوادر : صوحته الشمس ولوحته وصمحته إذا أذوته وآذته . والتصوح : التشقق في الشعر وغيره . وتصوح الشعر : تشققه من قبل نفسه وتناثره ؛ وقد صوحه الجفوف . وصحت الشيء فانصاح أي شققته فانشق . وانصاح القمر : استنار . وانصاح الفجر انصياحا إذا استنار وأضاء ، وأصله الانشقاق . والصواحة على تقدير فعالة : من تشقق الصوف ؛ وقد صوحه . والصواح : عرق الخيل خاصة ، وقد يعم به ؛ وأنشد الأصمعي :


                                                          جلبنا الخيل دامية كلاها     يسن على سنابكها الصواح

                                                          ويروى يسيل ؛ ومثله قوله :


                                                          تسن على سنابكها القرون

                                                          وفي الحديث : أن محلم بن جثامة الليثي قتل رجلا يقول : لا إله إلا الله ، فلما مات هو دفنوه فلفظته الأرض فألقته بين صوحين فأكلته السباع ؛ ابن الأعرابي : الصوح بفتح الصاد : الجانب من الرأس والجبل ، ويقال : صوح لوجه الجبل القائم كأنه حائط ، وهما لغتان صحيحتان ، وصوحا الوادي : حائطاه ويفرد ، فيقال : صوح ، ووجه الجبل القائم تراه كأنه حائط ؛ وألقوه بين الصوحين حتى أكلته السباع أي بين الجبلين ؛ فأما ما أنشده بعضهم :


                                                          وشعب كشك الثوب شكس طريقه     مدارج صوحيه عذاب مخاصر
                                                          تعسفته بالليل لم يهدني له     دليل ولم يشهد له النعت خابر

                                                          فإنما عنى فما قبله فجعله كالشعب لصغره ، ومثله بشك الثوب ، وهي طريقة خياطته لاستواء منابت أضراسه وحسن اصطفافها وتراصفها وجعل ريقه كالماء . وناحيتي الأضراس كصوحي الوادي . وصوح الجبل : أسفله . والصواح : الطلع حين يجف فيتناثر ؛ عن أبي حنيفة . وصوحان : اسم ؛ قال :


                                                          قتلت علباء وهند الجمل     وابنا لصوحان على دين علي

                                                          وبنو صوحان : من بني عبد القيس . والصواح : الجص . الأزهري ؛ عن الفراء ، قال : الصواحي مأخوذ من الصواح ، وهو الجص ؛ وأنشد :


                                                          جلبنا الخيل من تثليت حتى     كأن على مناسجها صواحا

                                                          قال : شبه عرق الخيل لما ابيض بالصواح ، وهو الجص ؛ قال ابن بري : في هذا البيت شاهد على أن الصواح العرق كما ذكر الجوهري ، وفيه أيضا شاهد على الجص على ما رواه ابن خالويه هنا منصوبا ، والبيت مجهول القائل فلهذا وقع الاختلاف في روايته ؛ أبو سعيد : الصواح من اللبن ما غلب عليه الماء ، وهو الضياح والشهاب ، والصواح : النجوة من الأرض . وصاحة : موضع ؛ قال بشر بن أبي خازم :


                                                          تعرض جأبة المدرى خذول     بصاحة في أسرتها السلام

                                                          وقيل : صاحة اسم جبل ، وفي الحديث ذكر الصاحة ؛ قال ابن الأثير : هي بتخفيف الحاء هضاب حمر بقرب عقيق المدينة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية