الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ صوغ ]

                                                          صوغ : الصوغ : مصدر صاغ الشيء يصوغه صوغا وصياغة [ ص: 307 ] وصغته أصوغه صياغة وصيغة وصيغوغة ؛ الأخير عن اللحياني : سبكه ومثله كان كينونة ودام ديمومة وساد سيدودة . قال : وقال الكسائي كان أصله كونونة وسودودة ودومومة ، فقلبت الواو ياء طلب الخفة ، وكل ذلك عند سيبويه فعلولة ، كانت من ذوات الياء أو من ذوات الواو . ورجل صائغ وصواغ وصياغ معاقبة في لغة أهل الحجاز . وفي حديث علي : واعدت صواغا من بني قينقاع وهو صواغ الحلي ؛ قال ابن جني : إنما قال بعضهم صياغ لأنهم كرهوا التقاء الواوين لاسيما فيما كثر استعماله ، فأبدلوا الأولى من العينين ياء ، كما قالوا في أما أيما ونحو ذلك فصار تقديره الصيواغ ، فلما التقت الواو والياء على هذا أبدلوا الواو للياء قبلها فقالوا الصياغ ، فإبدالهم العين الأولى من الصواغ دليل على أنها هي الزائدة ؛ لأن الإعلال بالزائد أولى منه بالأصل ؛ قال ابن سيده : فإن قلت ، فقد قلبت العين الثانية أيضا فقلت صياغ ، فلسنا نراك إلا وقد أعللت العينين جميعا ، فمن جعلك بأن تجعل الأولى هي الزائدة دون الأخيرة وقد انقلبتا جميعا ؟ قيل : قلب الثانية لا يستنكر ؛ لأنه عن وجوب ، وذلك لوقوع الياء ساكنة قبلها ، فهذا غير تعد ، ولا يعتذر منه لكن قلب الأولى ، وليس هناك علة يضطر إلى إبدالها أكثر من الاستخفاف مجردا من التعدي المستنكر ، ولكنه المعول عليه المحتج به ، فلذلك اعتمدناه ، وعمله الصياغة والشيء مصوغ والصوغ : ما صيغ ، وقد قرئ : قالوا نفقد صوغ الملك . ورجل صواغ : يصوغ الكلام ويزوره ، وربما قالوا : فلان يصوغ الكذب ، وهو استعارة . وصاغ فلان زورا وكذبا إذا اختلقه . وهذا شيء حسن الصيغة حسن العمل . وفي الحديث : أكذب الناس الصباغون والصواغون ؛ هم صباغو الثياب وصاغة الحلي لأنهم يمطلون بالمواعيد الكاذبة ، وقيل : أراد الذين يرتبون الحديث ويصوغون الكذب . يقال : صاغ شعرا ، وكلاما أي وضعه ورتبه ، ويروى الصياغون بالياء ، وروي عن أبي رافع الصائغ ، قال : كان عمر يمازحني يقول : أكذب الناس الصواغ ، يقول اليوم وغدا ، وقيل : أراد الذين يصبغون الكلام ويصوغونه أي يغيرونه ويخرصونه وأصل الصبغ التغيير . وفي حديث أبي هريرة : رأى قوما يتعادون ، فقال : ما لهم ؟ فقالوا : خرج الدجال ، فقال : كذبة كذبها الصياغون ؛ وروي الصواغون ، أي اختلقها الكذابون . وهذا صوغ هذا أي على قدره . وغلامان صوغان : على لدة واحدة . وهما صوغان أي سيان . قال ابن بزرج : هو سوغ أخيه طريده ولد في إثره . قال الفراء : بنو سليم وهوازن وأهل العالية وهذيل يقولون هو أخوه صوغه بالصاد ، قال : وأكثر الكلام بالسين سوغه . وفلان حسن الصيغة أي حسن الخلقة والقد . وصاغه الله صيغة حسنة أي خلقه ، وصيغ على صيغته أي خلق خلقته ، وصاغ الله الخلق يصوغها ؛ ابن شميل : صاغ الأدم في الطعام يصوغ أي رسب وصاغ الماء في الأرض رسب فيها . وفي حديث بكير المزني في الطعام : يدخل صوغا ويخرج سرحا أي : الأطعمة المصوغة ألوانا المهيأة بعضها إلى بعض . والصيغة : السهام التي من عمل رجل واحد ، وهو من ذلك ؛ قال العجاج :


                                                          وصيغة قد راشها وركبها

                                                          وسهام صيغة من ذلك أي من عمل رجل واحد ، وهو من الواو إلا أنها انقلبت ياء لكسرة ما قبلها ؛ قال ابن بري : شاهده قول حميد الأرقط :


                                                          شريانة تمنع بعد اللين     وصيغة ضرجن بالبشنين

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية