الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 140 ] كتاب الأضحية

                                                                                                                قال الجوهري : فيها أربع لغات : أضحية بضم الهمزة ، وتسكين الضاد ، وكسر الحاء ، وتشديد الياء ، وتكسر الهمزة ، والباقي على حاله ، والجمع أضاحي ، وفتح الهمزة وكسر الحاء وتشديد الياء ، وضحية على وزن فعلية ، والجمع ضحايا ، وأضحات بفتح الهمزة ، وتسكين الضاد ، والجمع أضحا مثل أرطاة وأرطا ، وبهماة وبهما سمي يوم الأضحى ، ويمكن أن يكون من الضحى بالقصر ، وهو وقت طلوع الشمس ، أو من الضحاء الممدود مع فتح الضاد ، وهو حين ارتفاع النهار ; لأنها تذبح فيهما .

                                                                                                                ويتمهد الفقه بالنظر في مشروعيتها وما يجزئ فيها وزمانها وأحكامها ، فهذه أربعة أنظار .

                                                                                                                النظر الأول : في مشروعيتها ، وفي الكتاب : الأضحية واجبة على المستطيع مسافرا أو حاضرا إلا الحاج ، فإن سنتهم الهدي ، وساكني منى والمكي الذي يشهد الموسم كالآفاقي ، وقال ( ح ) : لا يؤمر المسافر بالأضحية ; لأن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - كانا إذا سافرا لا يضحيان ، وفي تهذيب الطالب : قال ربيعة : هي أفضل من صدقة [ ص: 141 ] سبعين دينارا ، وقال ابن حبيب : أفضل من العتق وعظيم الصدقة ; لأن إقامة السنة أفضل من التطوع ، وقال صاحب القبس : يستحب للإنسان أن يضحي عن وليه كما يستحب له الحج عنه والصدقة ، وفي الترمذي قال علي - رضي الله عنه - : أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أضحي عنه . قال : وعندي أن الميت يصل إليه كل عمل يعمله الحي ، وفي الكتاب : لا تجب على من فيه رق للحجر عليه في المال . قال اللخمي : المراد بالوجوب السنة المؤكدة ، وقاله ( ش ) وابن حنبل لما في مسلم قال ، عليه السلام : ( إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا ) فوكل ذلك لإرادته ، وقال في كتاب محمد بالوجوب ، وقاله ابن القاسم في الكتاب ، لتصريحه بتأثيم من أخر أضحيته عن أيام النحر ، ووافقه ( ح ) لقوله - عليه السلام - لأبي بردة في جذعة الماعز : ( تجزئك ، ولا تجزئ أحدا بعدك ) والإجزاء فرع شغل الذمة . قال أبو الطاهر : قول ابن القاسم بالتأثيم في الكتاب محمول على الوجوب ، وقيل : إنما يثبت الوجوب إذا اشتراها .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن القصار : يستحب لمن أراد التضحية ألا يقص شعره ولا ظفره إذا أهل ذو الحجة حتى يضحي لقوله ، عليه السلام : ( إذا دخل العشر [ ص: 142 ] وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ، ولا بشره شيئا ) فإذا ضحى أخذ من كل ما منع من أخذه ، وقاله ( ش ) واختلف في تعليله ، فقيل : تشبها بالمحرمين ، ويشكل بالطيب والمخيط وغيرهما ، وقيل : لما يروى عنه - عليه السلام - قال : ( كبر أضحيتك يعتق الله بكل جزء منها جزءا منك من النار ) والشعر والظفر أجزاء ، فيترك حتى يدخل في العتق .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : قال ابن حبيب : من ولد يوم النحر ، أو آخر أيامه يضحى عنه ، وكذلك من أسلم لبقاء وقت الخطاب بالأضحية بخلاف زكاة الفطر .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                ولا يؤمر بها من تجحف بماله من غير تحديد ، ويضحى عن الصبي لوجود السبب في حقه ، وهو أيام النحر كملك النصاب .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                وفي البيان : للغزاة أن يضحوا من غنم الروم ; لأن لهم أكلها ، ولا يردوها للمقاسم .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية