الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          [ ص: 838 ] قوله تعالى: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا آية : 188

                                          [4639] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلي، ثنا أبي، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس ، قوله: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فهم أهل الكتاب أنزل عليهم الكتاب، فحكموا بغير الحق وحرفوا الكلم عن مواضعه وفرحوا بذلك، فرحوا بأنهم كفروا بمحمد وما أنزل إليه وهم يزعمون أنهم يعبدون الله ويصومون ويصلون ويطيعون الله، فقال تعالى لمحمد: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا كفروا بالله وكفروا بمحمد.

                                          [4640] حدثنا محمد بن يحيى ، أنبأ أبو غسان ، ثنا سلمة ، قال: قال محمد بن إسحاق ، حدثني محمد، مولى آل زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، مولى ابن عباس قوله: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا يعني: فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار، الذين يفرحون بما يصيبوا من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة.

                                          والوجه الثالث:

                                          [4641] حدثنا محمد بن حماد الطهراني، أنبأ حفص بن عمر ، ثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، في قول الله: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا قال: قال ابن عباس : تبديلهم التوراة، واتباع من اتبعهم على ذلك.

                                          [4642] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، ثنا سفيان ، عن أبي الجحاف ، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا قال: هم اليهود كتمانهم محمدا صلى الله عليه وسلم.

                                          [4643] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا يحيى بن آدم ، ثنا شريك ، عن أبي الجحاف ، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير ، في قوله: يفرحون بما أتوا قال: أهل الكتاب يقولون: نحن على دين إبراهيم، وليسوا كذلك.

                                          الوجه الرابع:

                                          [4644] حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا زيد بن الحباب، حدثني أفلح بن سعيد ، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي ، قال: كان في بني إسرائيل رجال عباد فقهاء، فأدخلتهم الملوك فرخصوا لهم وأعطوهم، فخرجوا وهم فرحون بما أخذت الملوك من قولهم، وما أعطوا، فأنزل الله عز وجل: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا .

                                          [ ص: 839 ] الوجه الخامس:

                                          [4645] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا نصر بن علي، أخبرنا أبي، عن شعبة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم، في قوله: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا قال: ناس من اليهود جهزوا جيشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وروي عن قتادة أنه قال: هم اليهود.

                                          قوله تعالى: ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا

                                          [4646] حدثنا أبي ، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن جعفر يعني: ابن أبي كثير، حدثني زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رجالا من المنافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا إذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغزو، وتخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا إليه، وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا. فنزلت هذه الآية: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا .

                                          الوجه الثاني:

                                          [4647] حدثنا أحمد بن يونس بن المسيب، ومحمد بن عمار ، قالا: ثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج : وأخبرني ابن أبي مليكة ، أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، أخبره أن مروان قال: اذهب يا رافع لبوابه إلى ابن عباس فقل: لئن كان كل امرئ منا فرح بما أوتي أحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا، لنعذبن أجمعين فقال ابن عباس : ما لكم وهذه؟ أما أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب ثم تلا ابن عباس : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه وتلا ابن عباس : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فقال ابن عباس : سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكتموه وأخبروه بغيره، فخرجوا، وقد [ ص: 840 ] أروه أن قد أخبروه ما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه .

                                          الوجه الثالث:

                                          [4648] أخبرنا محمد بن سعد العوفي ، فيما كتب إلي، حدثني أبي، حدثني عمي الحسين ، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس ، قوله: ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الصوم والصلاة.

                                          الوجه الرابع:

                                          [4649] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا عبد الله بن مهدي، عن سفيان ، عن أبي الجحاف ، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير : ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا يقولون نحن على دين إبراهيم، وليسوا على دين إبراهيم.

                                          الوجه الخامس:

                                          [4650] حدثنا محمد بن يحيى ، أنبأ أبو غسان ، ثنا سلمة ، قال: قال محمد بن إسحاق : وحدثني محمد، مولى آل زيد بن ثابت ، عن عكرمة، مولى ابن عباس : قوله: ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أن يقول الناس لهم علماء، وليسوا بأهل علم لم يحملوهم على خير ولا هدى، ويحبون أن يقول الناس، قد فعلوا .

                                          الوجه السادس:

                                          [4651] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ، ثنا عباد بن منصور ، قال: سألت الحسن عن قوله: ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا قال: فقال يعني: اليهود من أهل خيبر قدموا على رسول الله وفرحوا به، فذاك حيث قال الله تعالى: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فزعم أنهم قالوا للناس حين خرجوا إليهم: قد قبلنا الدين ورضينا، فأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا.

                                          الوجه السابع:

                                          [4652] حدثنا أسيد بن عاصم ، ثنا حسين بن حفص ، ثنا سفيان ، عن أبي حيان، عن أبي الزنباع، عن أبي دهقان، قال: صحب الأحنف بن قيس رجل فقال : [ ص: 841 ] يا أبا بحر: ألا تميل فنحملك على ظهر؟ فقال: يا ابن أخي لعلك من العراضين؟ قال: وما العراضون؟ الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا قال: إني إني قال: يا ابن أخي إذا أعرض لك الحق فاقصد له، واله عما سواه.

                                          قوله تعالى: فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب

                                          [4653] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلي، ثنا أبي، عن عمي الحسين ، عن ابن عباس : قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب بما أتوا، كفروا بالله تعالى: وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم.

                                          ]4654] حدثنا عبيد الله بن إسماعيل البغدادي، ثنا خلف يعني: ابن هشام ، ثنا الخفاف، عن هارون، عن يحيى بن يعمر : فلا تحسبنهم يعني: أنفسهم.

                                          قوله تعالى: ولهم عذاب أليم قد تقدم تفسيره .

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية