الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
النوع الثامن والخمسون

معرفة النسب التي باطنها على خلاف ظاهرها

الذي هو السابق إلى الفهم منها

من ذلك أبو مسعود البدري عقبة بن عمرو : لم يشهد بدرا في قول الأكثر، ولكن نزل بدرا فنسب إليها .

سليمان بن طرخان التيمي : نزل في تيم وليس منهم، وهو مولى بني مرة .

أبو خالد الدالاني يزيد بن عبد الرحمن : هو أسدي مولى لبني أسد ، نزل في بني دالان بطن من همدان فنسب إليهم .

إبراهيم بن يزيد الخوزي : ليس من الخوز، إنما نزل شعب الخوز بمكة .

عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي : نزل جبانة عرزم بالكوفة، وهي قبيلة معدودة في فزارة، فقيل : عرزمي بتقديم الراء المهملة على الزاي .

محمد بن سنان العوقي، أبو بكر البصري: باهلي نزل في العوقة - بالقاف والفتح - وهم بطن من عبد القيس، فنسب إليهم .

أحمد بن يوسف السلمي : جليل روى عنه مسلم وغيره، هو أزدي عرف بالسلمي، لأن أمه كانت سلمية، ثبت ذلك عنه ، وأبو عمرو بن نجيد السلمي كذلك، فإنه حافده ، وأبو عبد الرحمن السلمي: مصنف الكتب للصوفية كانت أمه ابنة أبي عمرو المذكور، فنسب سلميا، وهو أزدي أيضا، جده ابن عم أحمد بن يوسف .

ويقرب من ذلك ويلتحق به مقسم مولى ابن عباس: هو مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل ، لزم ابن عباس، فقيل: مولى ابن عباس، للزومه إياه .

يزيد الفقير: أحد التابعين، وصف بذلك لأنه أصيب في فقار ظهره، فكان يألم منه حتى ينحني له .

خالد الحذاء: لم يكن حذاء، ووصف بذلك لجلوسه في الحذائين، والله أعلم .

النوع التاسع والخمسون: معرفة المبهمات

أي معرفة أسماء من أبهم ذكره في الحديث من الرجال والنساء .

وصنف في ذلك عبد الغني بن سعيد الحافظ، والخطيب وغيرهما . ويعرف ذلك بوروده مسمى في بعض الروايات، وكثير منهم لم يوقف على أسمائهم . وهو على أقسام :

منها وهو من أبهمها: ما قيل فيه "رجل" أو " امرأة " ومن أمثلته : حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلا قال: يا رسول الله! الحج كل عام؟ هذا الرجل هو الأقرع بن حابس، بيـنه ابن عباس في رواية أخرى .

حديث أبي سعيد الخدري في ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مروا بحي فلم يضيفوهم، فلدغ سيدهم، فرقاه رجل منهم بفاتحة الكتاب على ثلاثين شاة، الحديث ، الراقي هو الراوي أبو سعيد الخدري .

[ ص: 1351 ] [ ص: 1352 ] [ ص: 1353 ]

التالي السابق


[ ص: 1351 ] [ ص: 1352 ] [ ص: 1353 ] النوع التاسع والخمسون

معرفة المبهمات.

244 - قوله: (حديث أبي سعيد الخدري في ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مروا بحي فلم يضيفوهم، فلدغ سيدهم، فرقاه رجل منهم بفاتحة الكتاب على ثلاثين شاة" الحديث ، الراقي هو الراوي أبو سعيد الخدري) انتهى.

[ ص: 1354 ] هكذا جزم به المصنف تبعا للخطيب؛ فإنه قال ذلك في كتاب (المبهمات) له، وتبعه النووي في مختصره، وفي شرح مسلم أيضا.

وفيه نظر من حيث إن في بعض طرق حديث أبي سعيد في الصحيحين من رواية معبد بن سيرين، عن أبي سعيد: "فقام معها رجل منا ما كنا نأبنه برقية، فرقاه، فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبنا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية، أو: كنت ترقي؟ قال: ما رقيت إلا بأم الكتاب" وفي رواية لمسلم: "فقام معها رجل ما كنا نظنه يحسن رقية" الحديث.

[ ص: 1355 ] فظاهر هذا أنه غير أبي سعيد، ولكن الخطيب ومن تبعه استدل على كونه أبا سعيد بما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من رواية جعفر بن إياس، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وفيه: "فقالوا: هل فيكم من يرقي من العقرب؟ قلت: نعم، أنا! ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما، قالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة، فقبلنا، فقرأت عليه "الحمد" سبع مرات، فبرأ" الحديث، لفظ الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. انتهى.

وقد تكلم غير واحد من الأئمة في هذه الرواية، وقد رواه الترمذي بعد هذا من رواية جعفر، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، وقال فيه: "فجعل رجل منا يقرأ عليه بفاتحة الكتاب" وقال: "هذا أصح من حديث الأعمش، عن جعفر بن إياس" أي الرواية المتقدمة، وضعف ابن ماجه أيضا رواية أبي نضرة بكونها [ ص: 1356 ] خطأ، فقال: "والصواب هو أبو المتوكل" انتهى.

وقد يقال: لعل ذلك وقع مرتين، مرة لأبي سعيد، ومرة لغيره، وقد وقع نظير ذلك من شخص آخر من الصحابة يقال: إن اسمه علاقة بن صحار، وهو عم خارجة بن الصلت، [ ص: 1357 ] رواه أبو داود والنسائي، إلا أن ذاك الذي رقاه عم خارجة كان معتوها، مع أنه قد ورد في حديث أبي سعيد الخدري المتقدم عند النسائي "فعرض لإنسان منهم في عقله أو لدغ" هكذا على الشك، ولا مانع من أن يقع ذلك لجماعة. والله أعلم.




الخدمات العلمية