الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5715 ) فصل : والنهار يدخل في القسم تبعا لليل ; بدليل ما روي أن سودة وهبت يومها لعائشة . متفق عليه . وقالت عائشة { قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، وفي يومي . وإنما قبض النبي صلى الله عليه وسلم نهارا . } ويتبع اليوم الليلة الماضية ; لأن النهار تابع لليل ، ولهذا يكون أول الشهر الليل ولو نذر اعتكاف شهر دخل معتكفه قبل غروب شمس الشهر الذي قبله ، ويخرج منه بعد غروب شمس آخر يوم منه ، فيبدأ بالليل ، وإن أحب أن يجعل النهار مضافا إلى الليل الذي يتعقبه جاز ; لأن ذلك لا يتفاوت .

                                                                                                                                            ( 5716 ) فصل : وإن خرج من عند بعض نسائه في زمانها فإن كان ذلك في النهار أو أول الليل ، أو آخره الذي جرت العادة بالانتشار فيه ، والخروج إلى الصلاة ، جاز ; فإن المسلمين يخرجون لصلاة العشاء ، ولصلاة الفجر قبل طلوعه ، وأما النهار ، فهو للمعاش والانتشار . وإن خرج في غير ذلك ، ولم يلبث أن عاد ، لم يقض لها ; لأنه لا فائدة في قضاء ذلك . وإن أقام ، قضاه لها سواء كانت إقامته لعذر ; من شغل أو حبس ، أو لغير عذر ; لأن حقها قد فات بغيبته عنها . وإن أحب أن يجعل قضاءه لذلك غيبته عن الأخرى ، مثل ما غاب عن هذه ، جاز ; لأن التسوية تحصل بذلك ; ولأنه إذا جاز له ترك الليلة بكمالها في حق كل واحدة منهما ، فبعضها أولى .

                                                                                                                                            ويستحب أن يقضي لها في مثل ذلك الوقت ; لأنه أبلغ في المماثلة ، والقضاء تعتبر المماثلة فيه ، كقضاء العبادات والحقوق . وإن قضاه في غيره من الليل ، مثل إن فاتها في أول الليل ، فقضاه في آخره ، أو من آخره ، فقضاه في أوله ، ففيه وجهان ; أحدهما يجوز ; لأنه قد قضى قدر ما فاته من الليل . والآخر ، لا يجوز ; لعدم المماثلة . إذا ثبت هذا ، فإنه لا يمكن قضاؤه كله من ليلة الأخرى ، لئلا يفوت حق الأخرى ، فتحتاج إلى قضاء ، ولكن إما أن ينفرد بنفسه في ليلة ، فيقضي منها ، وإما أن يقسم ليلة ، بينهن ، ويفضل هذه بقدر ما فات من حقها ، وإما أن يترك من ليلة كل واحدة مثل ما فات من ليلة هذه ، وإما أن يقسم المتروك بينهما ، مثل أن يترك من ليلة إحداهما ساعتين ، فيقضي لها من ليلة الأخرى ساعة واحدة ، فيصير الفائت على كل واحدة منهما ساعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية