الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 189 ] كتاب الجهاد وهو فرض كفاية على مكلف ذكر حر ، فإن فرض الكفاية لا يلزم رقيقا ولو أذن سيد صحيح ، ولو أعور ، واجد وفي المحرر : ولو من الإمام ما يحتاجه هو وأهله لغيبته ، ومع مسافة قصر مركوبا وعنه : يلزم عاجزا ببدنه في ماله ، اختاره الآجري وشيخنا كحج على معضوب ، وأولى .

                                                                                                          وفي المذهب قول : يلزم أعرج يقدر على المشي ، وفي البلغة : يلزم أعرج يسيرا ، وإذا قام به طائفة كان سنة في حق غيرهم ، صرح به في الروضة ، وهو معنى كلام غيره ، وأن ما عدا القسمين هنا سنة ، ويتوجه احتمال : يجب الجهاد باللسان ، فيهجوهم الشاعر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت { اهج المشركين } رواه البخاري ومسلم وأحمد ، وله بإسناد صحيح { أن كعبا قال له : إن الله أنزل في الشعراء ما أنزل . فقال : المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده لكأنما ترمونهم به نضح النبل } .

                                                                                                          وقد روى أحمد عن عمار قال { : شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم هجاء المشركين فقال اهجوهم كما يهجونكم } . وذكر شيخنا الأمر بالجهاد فمنه بالقلب والدعوة والحجة والبيان والرأي والتدبير والبدن فيجب بغاية ما يمكنه ، والحرب خدعة :

                                                                                                          الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني     فإذا هما اجتمعا لعبد مرة
                                                                                                          بلغا من العلياء كل مكان

                                                                                                          [ ص: 190 ] قال وعلى الأمير أن يحرضهم على الجهاد ، ويقاتل بهم عدوه بدعائهم ورأيهم وفعلهم ، وغير ذلك مما يمكن الاستعانة به على الجهاد ، ويفعل مع بر وفاجر يحفظان المسلمين ، لا مخذل ونحوه .

                                                                                                          وعن أبي هريرة مرفوعا { إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر } مختصر من الصحيحين ، ويقدم القوي منهما ، نص على ذلك ، كل عام مرة إلا لمانع بطريق ، ولا يعتبر أمنها فإن وضعه على الخوف ، وعنه : يجوز تأخيره لحاجة ، وعنه : ومصلحة كرجاء إسلام ، نقل الميموني : لو اختلفوا على رجلين لم يتعطل الغزو والحج .

                                                                                                          هذان بابان لا يدفعهما شيء أصلا وما يبالي من قسم الفيء أو من وليهما ، ونقل المروذي : يجب الجهاد بلا إمام إذا صاحوا النفير ، وسأله أبو داود : بلاد غلب عليها رجل فنزل البلاد يغزي بأهلها ، يغزو معهم ؟ قال : نعم ، قلت : يشتري من سبيه ؟ قال : دع هذه المسألة : الغزو ليس مثل شراء السبي ، الغزو دفع عن المسلمين لا يترك لشيء ، فيتوجه من سبيه كمن غزا بلا إذن .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية