الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: وإذا حضر القسمة أولو القربى آية : 8

                                          [4850] أخبرنا محمد بن سعد العوفي ، كتب إلي، حدثني أبي، حدثني عمي، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: وإذا حضر القسمة يعني: عند قسمة الميراث، وذلك قبل أن تنزل الفرائض فأنزل الله تعالى بعد ذلك الفرائض، فأعطى كل ذي حق حقه، فجعلت الصدقة فيما سمى المتوفى، قال أبو محمد : وروي عن الحسن ، وسعيد بن جبير ، ومقاتل بن حيان أنهم قالوا: عند قسمة الميراث.

                                          [4851] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين هذه تكون على ثلاثة وجوه: أما وجه فيوصي له وصية فيحضرون، فيأخذون وصيتهم، وأما الثاني: فإنهم يحضرون فيقتسمون إذا كانوا رجالا، فينبغي لهم أن يعطوهم، وأما الثالث: فيكون الورثة صغارا فيقوم وليهم إذا قسم فيقول للذين حضروا: حقكم حق، وقرابتكم قريبة، ولو كان لي في الميراث نصيب لأعطيتكم.

                                          قوله تعالى: أولو القربى

                                          [4852] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، كاتب الليث ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: وإذا حضر القسمة أولو القربى قال: أمر الله المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم.

                                          [4853] حدثنا أبي ، ثنا المعلى بن راشد، ثنا عبد الواحد، ثنا عاصم الأحول، قال: قال أبو العالية : في قوله: وإذا حضر القسمة أولو القربى قال: هذه مبينة أمر أهل الميراث أن يرضخوا عند قسمة الميراث لمن لا يرث من أقارب الميت. قال أبو محمد : وروي عن مقاتل بن حيان نحو ذلك.

                                          قوله تعالى: واليتامى

                                          [4854] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي ، عن ابن عباس : وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى قال: أمر الله المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم وأيتامهم من الوصية.

                                          [ ص: 874 ] قوله تعالى: والمساكين

                                          [4855] - وبه عن ابن عباس : وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين قال: أمر الله تعالى المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم وأيتامهم ومساكينهم من الوصية إن كان أوصى لهم، فإن لم يكن لهم وصية وصل إليهم من مواريثهم.

                                          قوله تعالى: فارزقوهم منه

                                          من فسر الآية أنها محكمة:

                                          [4856] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن علية ، عن يونس، عن الحسن : كانوا يحضرون فيعطون الخلق، ويرضخ لهم الشيء يعني قوله: فارزقوهم منه.

                                          [4857] حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا شعبة ، وهشيم، وأبو عوانة كلهم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير ، في قول الله تعالى: فارزقوهم منه قال: هما وليان فأحدهما يرث، والآخر لا يرث، فالذي يرث فهو الذي يكسو ويرزق، وأما الذي لا يرث، فهو الذي يقول قولا معروفا يقول: هذا لقوم آخرين وما لنا منه شيء.

                                          [4858] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، في قوله: فارزقوهم منه يقول للورثة: أعطوهم من الميراث، وليس بشيء موقوف فيعطون قبل القسمة فيقسم الميراث.

                                          [4859] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن علية ، عن يونس، عن محمد، عن عبيدة، في قوله: وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين قال: ولي عبيدة وصيته فأمر بشاة، فذبحت، فأطعم أصحاب هذه الآية وقال: لولا هذه الآية لكان هذا من مالي.

                                          [4860] حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن موسى ، ثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن الشيباني، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قوله: فارزقوهم منه قال: هي محكمة وليست بمنسوخة.

                                          [ ص: 875 ] [4861] حدثنا أحمد بن عصام، ثنا أبو عاصم ، ثنا شعبة ، ثنا قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن حطان، عن أبي موسى ، أنه قسم له بهذه الآية: وإذا حضر القسمة أولو القربى .

                                          [4862] - حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين قال: هي واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم، قال أبو محمد : وروي عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، وأبي العالية ، والحسن ، ومحمد بن سيرين ، والشعبي ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، ومكحول ، والزهري ، وإبراهيم النخعي ، وعطاء ، ويحيى بن يعمر نحو ذلك.

                                          من فسر ذلك على الوصية:

                                          [4863] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ ابن جريج ، أخبرني ابن أبي مليكة ، أن أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، والقاسم بن محمد ، أخبراه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبيه، عبد الرحمن ، وعائشة حية، قالا: فلم يدع في الدار مسكينا ولا ذا قرابة إلا أعطاه من ميراث أبيه قال: وتلا: وإذا حضر القسمة أولو القربى قال: القسم، فذكرت ذلك لابن عباس ، فقال: ما أصاب، ليس ذلك له، إنما ذلك إلى الوصية، وإنما هذه الآية في الوصية يريد الميت أن يوصي لهم.

                                          من قال: إنها منسوخة:

                                          [4864] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا حجاج، عن ابن جريج ، وعثمان بن عطاء ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قوله: وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه نسختها آية الميراث، فجعل لكل إنسان نصيبه مما ترك مما قل منه أو كثر. قال أبو محمد : وروي عن سعيد بن المسيب ، وعكرمة ، وأبي الشعثاء، والقاسم بن محمد ، والضحاك ، وأبي صالح ، وأبي مالك ، وعطاء الخراساني ، وزيد بن أسلم ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

                                          [ ص: 876 ] الوجه الثاني من المنسوخ:

                                          [4865] حدثنا أسيد بن عاصم ، ثنا سعيد بن عامر ، عن همام، ثنا قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال: إنها منسوخة، كانت قبل الفرائض، كان ما ترك الرجل من مال أعطي منه اليتيم والفقير والمسكين وذو القربى إذا حضروا القسمة، ثم نسخ بعد ذلك، نسختها المواريث، فألحق الله تعالى لكل ذي حق حقه، وصارت الوصية من ماله يوصي بها لذي قرابته حيث يشاء.

                                          قوله تعالى: وقولوا لهم قولا معروفا

                                          [4866] حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن رجاء، أنبأ إسرائيل ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، في قوله وقولوا لهم قولا معروفا قال: كان الرجل ينفق على جاره وقرابته، فإذا مات حضروا، قال وليه: ما نملك منه شيئا، فأمرهم الله أن يقولوا قولا معروفا، يرزقكم الله: يعينكم الله ويرضخ لهم من الثمار.

                                          الوجه الثاني:

                                          [4867] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير : وقولوا لهم قولا معروفا يقول: عدة حسنة، يقول: إن كان الورثة صغارا فليقل أولياء أولئك الورثة لهؤلاء الذين لا يرثون من قرابة الميت واليتامى والمساكين: إن هؤلاء الورثة صغار، فإذا بلغوا العقل أمرناهم أن يعرفوا حقكم فيه وصية ربهم فإن مات قبل ذلك، فورثتهم أعطتكم حقكم، فهذا القول المعروف، قال أبو محمد : وروي عن مقاتل بن حيان نحو ذلك.

                                          والوجه الثالث:

                                          [4868] حدثنا أبي ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا ابن المبارك ، عن إسماعيل المكي، عن يزيد بن الوليد، عن إبراهيم، قال: إن كانوا كبارا أرضخوا لهم، وإن كانوا صغارا قال أولياؤهم: ليس لنا من الأمر شيء، ولو كان لنا لأعطيناهم، قال: فهذا القول المعروف.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية