الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5804 ) مسألة ; قال : ( وما خالع العبد به زوجته من شيء ، جاز . وهو لسيده ) وجملة ذلك أن كل زوج صح طلاقه ، صح خلعه ; لأنه إذا ملك الطلاق ، وهو مجرد إسقاط من غير تحصيل شيء ، فلأن يملكه محصلا للعوض أولى ، والعبد يملك الطلاق ، فملك الخلع ، وكذلك المكاتب والسفيه ، وفي الصبي [ ص: 270 ] المميز وجهان ، بناء على صحة طلاقه . ومن لا يصح طلاقه ، كالطفل والمجنون ، لا يصح خلعه ; لأنه ليس من أهل التصرف ، فلا حكم لكلامه .

                                                                                                                                            ومتى خالع العبد ، كان العوض لسيده ; لأنه من اكتسابه ، واكتسابه لسيده ، وسائر من ذكرنا العوض لهم . ويجب تسليم العوض إلى سيد العبد ، وولي المحجور عليه ; لأن العوض في خلع العبد ملك لسيده ، فلم يجز تسليمه إلى غيره إلا بإذنه ، وولي المحجور عليه هو الذي يقبض حقوقه وأمواله ، وهذا من حقوقه . وأما المكاتب ، فيدفع العوض إليه ; لأنه هو الذي يتصرف لنفسه . وقال القاضي : يصح قبض العبد والمحجور عليه العوض ; لأن من صح خلعه ، صح قبضه للعوض ، كالمحجور عليه لفلس . واحتج بقول أحمد : ما ملكه العبد من خلع فهو لسيده ، وإن استهلكه لم يرجع على الواهب والمختلعة بشيء ، والمحجور عليه في معنى العبد .

                                                                                                                                            والأولى أن لا يجوز ; لأن العوض في الخلع لسيد العبد ، فلا يجوز دفعه إلى غير من هو له بغير إذن مالكه ، والعوض في خلع المحجور عليه ملك له ، إلا أنه لا يجوز تسليمه إليه ; لأن الحجر أفاد منعه من التصرف ، وكلام أحمد يحمل على ما إذا أتلفه العبد قبل تسليمه إليه ، وعلى أن عدم الرجوع عليها لا يلزم منه جواز الدفع إليه ، فإنه لو رجع عليها لرجعت على العبد ، وتعلق حقها برقبته ، وهي ملك للسيد ، فلا فائدة في الرجوع عليها بما ترجع به على ماله . وإن أسلمت العوض إلى المحجور عليه ، لم تبرأ ، فإن أخذه الولي منه ، برئت ، وإن أتلفه ، أو تلف ، كان لوليه الرجوع عليها به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية