الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب في كفارة النذر

                                                                                                                1645 وحدثني هارون بن سعيد الأيلي ويونس بن عبد الأعلى وأحمد بن عيسى قال يونس أخبرنا وقال الآخران حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبي الخير عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كفارة النذر كفارة اليمين [ ص: 269 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 269 ] قوله صلى الله عليه وسلم : كفارة النذر كفارة اليمين اختلف العلماء في المراد به ، فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج ، وهو أن يقول إنسان يريد الامتناع من كلام زيد مثلا : إن كلمت زيدا مثلا فلله علي حجة أو غيرها ، فيكلمه فهو بالخيار بين كفارة يمين وبين ما التزمه ، هذا هو الصحيح في مذهبنا ، وحمله مالك وكثيرون أو الأكثرون على النذر المطلق ، كقوله : علي نذر ، وحمله أحمد وبعض أصحابنا على نذر المعصية ، كمن نذر أن يشرب الخمر ، وحمله جماعة من فقهاء أصحاب الحديث على جميع أنواع النذر ، وقالوا : هو مخير في جميع النذورات بين الوفاء بما التزم ، وبين كفارة يمين . والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 270 ] [ ص: 271 ] قوله صلى الله عليه وسلم : إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وفي رواية " لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم " قال العلماء : الحكمة في النهي عن الحلف بغير الله تعالى أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به ، وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى ، فلا يضاهي به غيره ، وقد جاء عن ابن عباس : لأن أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر . فإن قيل : الحديث مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : " أفلح وأبيه إن صدق " فجوابه : أن هذه كلمة تجري على اللسان لا يقصد بها اليمين ، فإن قيل : فقد أقسم الله تعالى بمخلوقاته كقوله تعالى والصافات والذاريات و والطور و والنجم فالجواب : أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفه .

                                                                                                                [ ص: 272 ] قوله : ( ما حلفت بها ذاكرا ولا آثرا ) معنى ذاكرا : قائلا لها من قبل نفسي ، ولا آثرا - بالمد - أي : حالفا عن غيري .

                                                                                                                وفي هذا الحديث إباحة الحلف بالله تعالى وصفاته كلها ، وهذا مجمع عليه .

                                                                                                                وفيه النهي عن الحلف بغير أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته ، وهو عند أصحابنا مكروه ليس بحرام .




                                                                                                                الخدمات العلمية