الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5809 ) مسألة ; قال : ( ولو خالعته بمحرم ، وهما كافران ، فقبضه ، ثم أسلما ، أو أحدهما ، لم يرجع عليها بشيء ) وجملة ذلك أن الخلع من الكفار جائز ، سواء كانوا أهل الذمة أو أهل حرب ; لأن كل من ملك الطلاق ، ملك المعاوضة عليه ، كالمسلم ، فإن تخالعا بعوض صحيح ، ثم أسلما وترافعا إلى الحاكم ، أمضى ذلك عليهما [ ص: 272 ] كالمسلمين ، وإن كان بمحرم كخمر وخنزير فقبضه ، ثم أسلما ، وترافعا إلينا ، أو أسلم أحدهما أمضى ذلك عليهما ، ولم يعوض له ، ولم يرده ، ولا يبقى له عليها شيء ، كما لو أصدقها خمرا ثم أسلما ، أو تبايعا خمرا أو تقابضا ثم أسلما .

                                                                                                                                            وإن كان إسلامهما أو ترافعهما قبل القبض ، لم يمضه الحاكم ، ولم يأمر بإقباضه ; لأن الخمر والخنزير لا يجوز أن يكون عوضا لمسلم أو من مسلم ، فلا يأمر الحاكم بإقباضه . قال القاضي ، في " الجامع " : ولا شيء له ; لأنه رضي منها بما ليس بمال ، كالمسلمين إذا تخالعا بخمر وقال ، في " المجرد " : يجب مهر المثل . وهو مذهب الشافعي ; لأن العوض فاسد ، فيرجع إلى قيمة المتلف ، وهو مهر المثل . وكلام الخرقي يدل بمفهومه على أنه يجب له شيء ; لأن تخصيصه حالة القبض بنفي الرجوع ، يدل على الرجوع مع عدم القبض ، والفرق بينه وبين المسلم ، أن المسلم لا يعتقد الخمر والخنزير مالا ، فإذا رضي به عوضا ، فقد رضي بالخلع بغير مال ، فلم يكن له شيء ، والمشرك يعتقده مالا ، فلم يرض بالخلع بغير عوض ، فيكون العوض واجبا له ، كما لو خالعها على حر يظنه عبدا ، أو خمر يظنه خلا .

                                                                                                                                            إذا ثبت أنه يجب له العوض ، فذكر القاضي أنه مهر المثل ، كما لو تزوجها على خمر ثم أسلما . وعلى ما عللنا به يقتضي وجوب قيمة ما سمى لها ، على تقدير كونه مالا ، فإنه رضي بمالية ذلك ، فيكون له قدره من المال ، كما لو خالعها على خمر يظنه خلا . وإن حصل القبض في بعضه دون بعض ، سقط ما قبض ، وفيما لم يقبض الوجوه الثلاثة . والأصل فيه قول الله تعالى { وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية