الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ظفر

                                                          ظفر : الظفر الظفر : معروف ، وجمعه أظفار وأظفور وأظافير ، يكون للإنسان وغيره ، وأما قراءة من قرأ : كل ذي ظفر ، بالكسر ، فشاذ غير مأنوس به إذ لا يعرف ظفر ، بالكسر ، قالوا : الظفر لما لا يصيد ، والمخلب لما يصيد ; كله مذكر صرح به اللحياني ، والجمع أظفار ، وهو الأظفور ، وعلى هذا قولهم : أظافير ، لا على أنه جمع أظفار الذي هو جمع ظفر لأنه ليس كل جمع يجمع ، ولهذا حمل الأخفش قراءة من قرأ : ( فرهن مقبوضة ) ، على أنه جمع رهن ويجوز قلته لئلا يضطره إلى ذلك أن يكون جمع رهان الذي هو جمع رهن ، وأما من لم يقل إلا ظفر فإن أظافير عنده ملحقة بباب دملوج ، بدليل ما انضاف إليها من زيادة الواو معها ; قال ابن سيده : هذا مذهب بعضهم . الليث : الظفر ظفر الأصبع وظفر الطائر ، والجمع الأظفار ، وجماعة الأظفار أظافير ، لأن أظفارا بوزن إعصار ، تقول أظافير وأعاصير ، وإن جاء ذلك في الأشعار جاز ولا يتكلم به بالقياس في كل ذلك سواء غير أن السمع آنس ، فإذا ورد على الإنسان شيء لم يسمعه مستعملا في الكلام استوحش منه فنفر ، وهو في الأشعار جيد جائز . وقوله تعالى : وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ; دخل في ذي الظفر ذوات المناسم من الإبل والنعام لأنها كالأظفار لها . ورجل أظفر : طويل الأظفار عريضها ، ولا فعلاء لها من جهة السماع ، ومنسم أظفر كذلك ; قال ذو الرمة :


                                                          بأظفر كالعمود إذا اصمعدت على وهل وأصفر كالعمود



                                                          والتظفير : غمز الظفر في التفاحة وغيرها . وظفره يظفره وظفره واظفره : غرز في وجهه ظفره . ويقال : ظفر فلان في وجه فلان إذا غرز ظفره في لحمه فعقره ، وكذلك التظفير في القثاء والبطيخ . وكل ما غرزت فيه ظفرك فشدخته أو أثرت فيه ، فقد ظفرته ; أنشد ثعلب لخندق بن إياد :


                                                          ولا توق الحلق أن تظفرا



                                                          واظفر الرجل واطفر أي أعلق ظفره ، وهو افتعل فأدغم ; وقال العجاج يصف بازيا :


                                                          تقضي البازي إذا البازي كسر

                                                              أبصر خربان فضاء فانكدر
                                                          شاكي الكلاليب إذا أهوى اظفر



                                                          الكلاليب : مخاليب البازي ، الواحد كلوب . والشاكي : مأخوذ من الشوكة ، وهو مقلوب ، أي حاد المخاليب . واظفر أيضا : بمعنى ظفر بهم . ورجل مقلم الظفر عن الأذى وكليل الظفر عن العدى ، وكذلك على المثل . ويقال للرجل : إنه لمقلوم الظفر أي لا ينكي عدوا ; وقال طرفة :


                                                          لست بالفاني ولا كل الظفر



                                                          ويقال للمهين : هو كليل الظفر . ورجل أظفر بين الظفر إذا كان طويل الأظفار ، كما تقول رجل أشعر طويل الشعر . ابن سيده : والظفر ضرب من العطر أسود مقتلف من أصله على شكل ظفر الإنسان ، يوضع في الدخنة ، والجمع أظفار وأظافير ، وقال صاحب العين : لا واحد له ، وقال الأزهري : لا يفرد منه الواحد ، قال : وربما قال بعضهم : أظفارة واحدة وليس بجائز في القياس ، ويجمعونها على أظافير ، وهذا في الطيب ، وإذا أفرد شيء من نحوها ينبغي أن يكون ظفرا وفوها ، وهم يقولون أظفار وأظافير وأفواه وأفاويه لهذين العطرين . وظفر ثوبه : طيبه بالظفر . وفي حديث أم عطية : لا تمس المحد إلا نبذة من قسط أظفار ، وفي رواية : من قسط وأظفار ; قال : الأظفار جنس من الطيب ، لا واحد له من لفظه ، وقيل : واحدة ظفر ، وهو شيء من العطر أسود والقطعة منه شبيهة بالظفر . وظفرت الأرض : أخرجت من النبات ما يمكن احتفاره بالظفر . وظفر العرفج والأرطى : خرج منه شبه الأظفار وذلك حين يخوص . وظفر البقل : خرج كأنه أظفار الطائر . وظفر النصي والوشيج والبردي والثمام والصليان والعرز والهدب إذا خرج له عنقر أصفر كالظفر ، وهي خوصة تندر منه فيها نور أغبر . الكسائي : إذا طلع النبت قيل : قد ظفر تظفيرا ; قال أبو منصور : هو مأخوذ من الأظفار . الجوهري : والظفر ما اطمأن من الأرض وأنبت . ويقال : ظفر النبت إذا طلع مقدار الظفر . والظفر والظفرة ، بالتحريك : داء يكون في العين يتجللها منه غاشية كالظفر ، وقيل : هي لحمة تنبت عند المآقي حتى تبلغ السواد وربما أخذت فيه ، وقيل : الظفرة ، بالتحريك ، جليدة تغشي العين تنبت تلقاء المآقي وربما قطعت ، وإن تركت غشيت بصر العين حتى تكل ، وفي الصحاح : جليدة تغشي العين نابتة من الجانب الذي يلي الأنف على بياض العين إلى سوادها ، قال : وهي التي يقال لها : ظفر ; عن أبي عبيد . وفي صفة الدجال . وعلى عينه ظفرة غليظة ، بفتح الظاء والفاء ، وهي لحمة تنبت عند المآقي وقد تمتد إلى السواد فتغشيه ; وقد ظفرت عينه ، بالكسر ، تظفر ظفرا ، فهي ظفرة . ويقال ظفر فلان ، فهو مظفور ; وعين ظفرة ; وقال أبو الهيثم :


                                                          ما القول في عجيز كالحمره     بعينها من البكاء ظفره
                                                          حل ابنها في السجن وسط الكفره ؟



                                                          الفراء : الظفرة لحمة تنبت في الحدقة ، وقال غيره : الظفر لحم ينبت في بياض العين وربما جلل الحدقة . وأظفار الجلد : ما تكسر منه فصارت له غضون . وظفر الجلد : دلكه لتملاس أظفاره . الأصمعي : في السية الظفر ، وهو ما وراء معقد الوتر إلى طرف القوس ، والجمع ظفرة ; قال الأزهري : هنا يقال : للظفر أظفور ، وجمعه أظافير ; وأنشد :


                                                          ما بين لقمتها الأولى ، إذا ازدردت     وبين أخرى تليها ، قيس أظفور



                                                          [ ص: 186 ]

                                                          والظفر بالفتح : الفوز بالمطلوب . الليث : الظفر الفوز بما طلبت والفلج على من خاصمت ; وقد ظفر به وعليه وظفره ظفرا ، مثل لحق به ولحقه فهو ظفر ، وأظفره الله به وعليه وظفره به تظفيرا . ويقال : ظفر الله فلانا على فلان ، وكذلك أظفره الله . ورجل مظفر وظفر وظفير : لا يحاول أمرا إلا ظفر به ; قال العجير السلولي يمدح رجلا :


                                                          هو الظفر الميمون ، إن راح أو غدا     به الركب ، والتلعابة المتحبب

                                                          ورجل مظفر : صاحب دولة في الحرب . وفلان مظفر : لا يئوب إلا بالظفر فثقل نعته للكثرة والمبالغة . وإن قيل : ظفر الله فلانا أي جعله مظفرا جاز وحسن أيضا . وتقول : ظفره الله عليه أي غلبه عليه ; وكذلك إذا سئل : أيهما أظفر ، فأخبر عن واحد غلب الآخر ; وقد ظفره . قال الأخفش : وتقول العرب : ظفرت عليه في معنى ظفرت به . وما ظفرتك عيني منذ زمان أي ما رأتك ، وكذلك ما أخذتك عيني منذ حين . وظفره : دعا له بالظفر وظفرت به ، فأنا ظافر وهو مظفور به . ويقال : أظفرني الله به وتظافر القوم عليه وتظاهروا بمعنى واحد . وظفار مثل قطام مبنية : موضع ، وقيل : هي قرية من قرى حمير إليها ينسب الجزع الظفاري ، وقد جاءت مرفوعة أجريت مجرى رباب إذا سميت بها . ابن السكيت : يقال : جزع ظفاري منسوب إلى ظفار أسد مدينة باليمن ، وكذلك عود ظفاري منسوب ، وهو العود الذي يتبخر به ، ومنه قولهم : من دخل ظفار حمر أي تعلم الحميرية ; وقيل : كل أرض ذات مغرة ظفار . وفي الحديث : كان لباس آدم ، عليه السلام ، الظفر ; أي شيء يشبه الظفر في بياضه وصفائه وكثافته . وفي حديث الإفك : عقد من جزع أظفار ; قال ابن الأثير : هكذا روي وأريد بها العطر المذكور أولا كأنه يؤخذ فيثقب ويجعل في العقد والقلادة ; قال : والصحيح في الرواية أنه من جزع ظفار مدينة لحمير باليمن . والأظفار : كبار القردان وكواكب صغار . وظفر ومظفر ومظفار : أسماء . وبنو ظفر : بطنان بطن في الأنصار ، وبطن في بني سليم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية