الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يمتنع لبس جلد الثعلب في الصلاة أم لا ؟ وكاللحم الأولى احظرن جلد ثعلب وعنه ليلبس والصلاة به اصدد ( وكاللحم ) في الرواية ( الأولى ) بفتح الهمزة وسكون الواو ( احظرن ) أمر مؤكد بالنون الخفيفة أي امنع ( جلد ثعلب ) كلحمه فلا يحل أكل لحمه ولا لبس جلده .

والثعلب بالثاء المثلثة المفتوحة وسكون [ ص: 264 ] العين المهملة وفتح اللام ثم باء موحدة : معروف ، ويقال للأنثى ثعلبة والجمع أثعل . وفي حديث { شر السباع هذه الأثعل } يعني الثعالب رواه ابن قانع في معجمه عن وابصة بن معبد رضي الله عنه مرفوعا . وكنية الثعلب أبو الحصين ، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث سبعا .

فعلى هذا يحرم أكل لحمه ، ولبس جلده والصلاة فيه .

واختار هذا أبو بكر وقدمه في الرعاية .

قال في الفروع : ويحرم ثعلب .

قال : ونقل عبد الله في الثعلب : لا أعلم أحدا رخص فيه إلا عطاء .

وكل شيء اشتبه عليك فدعه انتهى .

وعبارة الإنصاف : أما الثعلب فيحرم على الصحيح من المذهب .

قال المصنف ، يعني الموفق والشارح ، يعني ابن أخيه شمس الدين بن أبي عمر رضي الله عنهما : أكثر الروايات عن أحمد تحريم الثعلب .

قال الناظم : هذا أولى .

وصححه في التصحيح .

وقدمه في الفروع .

( وعنه ) أي الإمام أحمد رضي الله عنه ( ليلبس ) اللام هذه لام الأمر والمراد أمر إباحة ، يعني يباح لبس الفراء من جلد الثعلب ( و ) لكن ( الصلاة ) من المصلي ( به ) أي بجلد الثعلب يعني أن صلاة لابس جلد للثعلب مع إباحة لبسه ( اصدد ) أي امنع صحتها .

وعنه تصح الصلاة فيه مع الكراهة .

قال ابن تميم : قال أبو بكر : لا يختلف قوله يعني الإمام أحمد رضي الله عنه أن يلبس إذا دبغ بعد تذكيته .

لكن اختلف في كراهة الصلاة فيه .

وقال في الرعاية الكبرى : إن ذكي ودبغ جلده أبيح مطلقا .

والحاصل : أن في أصل إباحة لحم الثعلب روايتين إحداهما الحرمة ، وقد ذكرناها .

والثانية الإباحة .

قال في الإنصاف : قال ابن عقيل : مباح في أصح الروايتين واختارها الشريف أبو جعفر والخرقي ، وأطلقهما في الكافي ، والهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، وإدراك الغاية ، والزركشي ، وتجريد العناية ، وغيرهم .

وعلى القول بالتحريم فهل يباح لبس جلده أو لا ؟ روايتان .

[ ص: 265 ] وعلى القول بالجواز هل تصح الصلاة فيه أو لا تصح ؟ روايتان .

وعلى القول بالصحة هل تكره أو لا ؟ روايتان .

قلت : اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - أعلى الله كعبه - جواز لبسه والصلاة فيه .

فإنه سئل رضي الله عنه عن الفراء من جلود الوحوش هل تجوز الصلاة فيها ؟ فأجاب الحمد لله ، أما جلود الأرنب فتجوز الصلاة فيها بلا نزاع .

وأما الثعلب ففيه نزاع والأظهر جواز الصلاة فيه . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية