الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عبس ]

                                                          عبس : عبس يعبس عبسا وعبس : قطب ما بين عينيه ، ورجل عابس من قوم عبوس ، ويوم عابس وعبوس : شديد ، ومنه حديث قس : يبتغي دفع بأس يوم عبوس ؛ هو صفة لأصحاب اليوم ، أي : يوم يعبس فيه فأجراه صفة على اليوم ، كقولهم : ليل نائم ، أي : ينام فيه ، وعبس تعبيسا فهو معبس وعباس إذا كره وجهه شدد للمبالغة ، فإن كشر عن أسنانه فهو كالح ، وقيل : عبس كلح ، وفي صفته : لا عابس ولا مفند ، العابس : الكريه الملقى الجهم المحيا ، والتعبس : التجهم ، وعنبس وعنبسة وعنابس والعنبسي : من أسماء الأسد أخذ من العبوس ، وبها سمي الرجل ، وقال القطامي :


                                                          وما غر الغواة بعنبسي يشرد عن فرائسه السباعا



                                                          وفي الصحاح : والعنبس الأسد ، وهو فنعل من العبوس ، والعبس : ما يبس على هلب الذنب من البول والبعر ، قال أبو النجم :


                                                          كأن في أذنابهن الشول     من عبس الصيف قرون الأيل



                                                          وأنشده بعضهم : الأجل على بدل الجيم من الياء المشددة ، وقد عبست الإبل عبسا وأعبست : علاها ذلك ، وفي الحديث : أنه نظر إلى نعم بني المصطلق ، وقد عبست في أبوالها وأبعارها من السمن فتقنع بثوبه وقرأ : ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ، قال أبو عبيد : عبست في أبوالها يعني أن تجف أبوالها وأبعارها على أفخاذها ، وذلك إنما يكون من الشحم ، وذلك العبس ، وإنما عداه بفي ; لأنه في معنى انغمست ، قال جرير يصف راعية :


                                                          ترى العبس الحولي جونا بكوعها     لها مسكا من غير عاج ولا ذبل



                                                          والعبس : الوذح أيضا ، وعبس الوسخ عليه وفيه عبسا : يبس ، وعبس الثوب عبسا : يبس عليه الوسخ ، وفي حديث شريح : أنه كان يرد من العبس يعني العبد البوال في فراشه إذا تعوده وبان أثره على بدنه وفراشه ، وعبس الرجل : اتسخ ، قال الراجز :


                                                          وقيم الماء عليه قد عبس



                                                          وقال ثعلب : إنما هو قد عبس من العبوس الذي هو القطوب ، وقول الهذلي :


                                                          ولقد شهدت الماء لم يشرب به     زمن الربيع إلى شهور الصيف
                                                          إلا عوابس كالمراط معيدة     بالليل ، مورد أيم متغضف



                                                          [ ص: 16 ] قال يعقوب : يعني بالعوابس الذئاب العاقدة أذنابها ، وبالمراط السهام التي قد تمرط ريشها ، وقد أعبسه هو ، والعبوس : الجمع الكثير ، والعبس : ضرب من النبات يسمى بالفارسية سيسنبر ، وعبس : قبيلة من قيس عيلان ، وهي إحدى الجمرات ، وهو عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان ، والعنابس من قريش : أولاد أمية بن عبد شمس الأكبر وهم ستة : حرب وأبو حرب وسفيان وأبو سفيان وعمرو وأبو عمرو وسموا بالأسد ، والباقون يقال لهم : الأعياص ، وعابس وعباس والعباس اسم علم فمن قال : عباس فهو يجريه مجرى زيد ، ومن قال : العباس فإنما أراد أن يجعل الرجل هو الشيء بعينه ، قال ابن جني : العباس وما أشبهه من الأوصاف الغالبة إنما تعرفت بالوضع دون اللام ، وإنما أقرت اللام فيها بعد النقل ، وكونها أعلاما مراعاة لمذهب الوصف فيها قبل النقل ، وعبس وعبس وعبيس : أسماء أصلها الصفة ، وقد يكون عبيس تصغير عبس وعبس ، وقد يكون تصغير عباس وعابس تصغير الترخيم ، ابن الأعرابي : العباس الأسد الذي تهرب منه الأسد ، وبه سمي الرجل عباسا ، وقال أبو تراب : هو جبس عبس لبس إتباع ، والعبسان : اسم أرض قال الراعي :


                                                          أشاقتك بالعبسين دار تنكرت     معارفها إلا البلاد البلاقعا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية