الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عبط ]

                                                          عبط : عبط الذبيحة يعبطها عبطا واعتبطها اعتباطا : نحرها من غير داء ولا كسر ، وهي سمينة فتية ، وهو العبط وناقة عبيطة ومعتبطة ولحمها عبيط ، وكذلك الشاة والبقرة وعم الأزهري ، فقال : يقال للدابة عبيطة ومعتبطة ، والجمع : عبط وعباط ، أنشد سيبويه :


                                                          أبيت على معاري واضحات بهن ملوب كدم العباط



                                                          وقال ابن بزرج : العبيط من كل اللحم ، وذلك ما كان سليما من الآفات إلا الكسر ، قال : ولا يقال للحم الدوي المدخول من آفة : عبيط ، وفي الحديث : فقاءت لحما عبيطا ، قال ابن الأثير : العبيط الطري غير النضيج ، ومنه حديث عمر : فدعا بلحم عبيط ، أي : طري غير نضيج ، قال ابن الأثير : والذي جاء في غريب الخطابي على اختلاف نسخه : فدعا بلحم غليظ بالغين والظاء المعجمتين يريد لحما خشنا عاسيا لا ينقاد في المضغ ، قال : وكأنه أشبه ، وفي الحديث : مري بنيك لا يعبطوا ضروع الغنم ، أي : لا يشددوا الحلب فيعقروها ويدموها بالعصر من العبيط ، وهو الدم الطري أو لا يستقصوا حلبها حتى يخرج الدم بعد اللبن ، والمراد أن لا يعبطوها فحذف أن وأعملها مضمرة ، وهو قليل ويجوز أن تكون لا ناهية بعد أمر فحذف النون للنهي ، ومات عبطة ، أي : شابا ، وقيل : شابا صحيحا قال أمية بن أبي الصلت :

                                                          من لم يمت عبطة يمت هرما     للموت كأس والمرء ذائقها



                                                          وفي حديث عبد الملك بن عمير : معبوطة نفسها ، أي : مذبوحة وهي شابة صحيحة ، وأعبطه الموت ، واعتبطه على المثل ، ولحم عبيط بين العبطة : طري ، وكذلك الدم والزعفران قال الأزهري : ويقال : لحم عبيط ومعبوط إذا كان طريا لم ينيب فيه سبع ، ولم تصبه علة قال لبيد :


                                                          ولا أضن بمعبوط السنام إذا     كان القتار كما يستروح القطر



                                                          قال الليث : ويقال زعفران عبيط يشبه بالدم العبيط ، وفي الحديث : من اعتبط مؤمنا قتلا فإنه قود ، أي : قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله ، فإن القاتل يقاد به ويقتل ، وكل من مات بغير علة فقد اعتبط ، وفي الحديث : من قتل مؤمنا فاعتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا هكذا جاء الحديث في سنن أبي داود ثم قال في آخر الحديث : قال خالد بن دهقان ، وهو راوي الحديث : سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله اعتبط بقتله ، قال : الذين يقاتلون في الفتنة فيرى أنه على هدى لا يستغفر الله منه قال ابن الأثير : وهذا التفسير يدل على أنه من الغبطة بالغين المعجمة ، وهي الفرح والسرور وحسن الحال ; لأن القاتل يفرح بقتل خصمه فإذا كان المقتول مؤمنا ، وفرح بقتله دخل في هذا الوعيد وقال الخطابي في معالم السنن وشرح هذا الحديث فقال : اعتبط قتله ، أي : قتله ظلما لا عن قصاص ، وعبط فلان بنفسه في الحرب وعبطها عبطا : ألقاها فيها غير مكره ، وعبط الأرض يعبطها عبطا واعتبطها : حفر منها موضعا لم يحفر قبل ذلك قال مرار بن منقذ العدوي :


                                                          ظل في أعلى يفاع جاذلا     يعبط الأرض اعتباط المحتفر



                                                          وأما بيت حميد بن ثور :


                                                          إذا سنابكها أثرن معتبطا     من التراب كبت فيها الأعاصير



                                                          فإنه يريد التراب الذي أثارته كان ذلك في موضع لم يكن فيه قبل ، والعبط : الريبة ، والعبط : الشق ، وعبط الشيء والثوب يعبطه عبطا : شقه صحيحا ، فهو معبوط وعبيط ، والجمع عبط ، قال أبو ذؤيب :

                                                          [ ص: 17 ]

                                                          فتخالسا نفسيهما بنوافذ     كنوافذ العبط التي لا ترقع



                                                          يعني كشق الجيوب وأطراف الأكمام والذيول ; لأنها لا ترفع بعد العبط ، وثوب عبيط ، أي : مشقوق قال المنذري : أنشدني أبو طالب النحوي في كتاب المعاني للفراء : كنوافذ العطب ثم قال : ويروى كنوافذ العبط ، قال : والعطب القطن ، والنوافذ الجيوب يعني جيوب الأقمصة ، وأخبر أنها لا ترقع شبه سعة الجراحات بها ، قال : ومن رواها العبط أراد بها جمع عبيط ، وهو الذي ينحر لغير علة فإذا كان كذلك كان خروج الدم أشد ، وعبط الشيء نفسه يعبط : انشق ؛ قال القطامي :


                                                          وظلت تعبط الأيدي كلوما     تمج عروقها علقا متاعا



                                                          وعبط النبات الأرض : شقها ، والعابط : الكذاب ، والعبط : الكذب الصراح من غير عذر ، وعبط علي الكذب يعبطه عبطا واعتبطه : افتعله ، واعتبط عرضه : شتمه وتنقصه ، وعبطته الدواهي : نالته من غير استحقاق قال حميد وسماه الأزهري الأريقط :


                                                          بمنزل عف ولم يخالط     مدنسات الريب العوابط



                                                          والعوبط : الداهية ، وفي حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت : فقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا كان يجالسه فقالوا : اعتبط ، فقال : قوموا بنا نعوده ، قال ابن الأثير : كانوا يسمون الوعك اعتباطا ، يقال : عبطته الدواهي إذا نالته ، والعوبط : لجة البحر مقلوب عن العوطب ، ويقال : عبط الحمار التراب بحوافره إذا أثاره ، والتراب عبيط ، وعبطت الريح وجه الأرض إذا قشرته ، وعبطنا عرق الفرس ، أي : أجريناه حتى عرق ، قال الجعدي :


                                                          وقد عبط الماء الحميم فأسهلا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية