الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عثم ]

                                                          عثم : العثم : إساءة الجبر حتى يبقى فيه أود كهيئة المشش ، عثم العظم يعثم عثما وعثم عثما فهو عثم : ساء جبره وبقي فيه أود فلم يستو ، وعثم العظم المكسور إذا انجبر على غير استواء وعثمته أنا يتعدى ولا يتعدى ، وعثمه يعثمه عثما وعثمه ، كلاهما : جبره ، وخص بعضهم به جبر اليد على غير استواء ، يقال : عثمت يده تعثم وعثمتها أنا إذا جبرتها على غير استواء ، وقال الفراء : تعثم بضم الثاء وتعثل مثله ، قال ابن جني : هذا ونحوه من باب فعل وفعلته شاذ عن القياس ، وإن كان مطردا في الاستعمال إلا أن له عندي وجها لأجله جاز ، وهو أن كل فاعل غير القديم سبحانه فإنما الفعل فيه شيء أعيره وأعطيه وأقدر عليه فهو ، وإن كان فاعلا لما كان معانا مقدرا صار كأن فعله لغيره ألا ترى إلى قوله سبحانه : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ، قال : وقد قال بعض الناس إن الفعل لله [ ص: 36 ] وإن العبد مكتسب ، قال : وإن كان هذا خطأ عندنا فإنه قول لقوم فلما كان قولهم عثم العظم وعثمته أن غيره أعانه ، وإن جرى لفظ الفعل له تجاوزت العرب ذلك إلى أن أظهرت هناك فعلا بلفظ الأول متعديا ; لأنه قد كان فاعله في وقت فعله إياه إنما هو مشاء إليه أو معان عليه فخرج اللفظان لما ذكرنا خروجا واحدا فاعرفه ، وربما استعمل في السيف على التشبيه ، قال :


                                                          فقد يقطع السيف اليماني وجفنه شباريق أعشار عثمن على كسر



                                                          قال ابن شميل : العثم في الكسر والجرح تداني العظم حتى هم أن يجبر ولم يجبر بعد كما ينبغي ، يقال : أجبر عظم البعير ؟ فيقال : لا ، ولكنه عثم ولم يجبر ، وقد عثم الجرح : وهو أن يكنب ويجلب ولم يبرأ بعد ، وفي حديث النخعي : في الأعضاء إذا انجبرت على غير عثم صلح ، وإذا انجبرت على عثم الدية ، يقال : عثمت يده فعثمت إذا جبرتها على غير استواء ، وبقي فيها شيء لم ينحكم ومثله من البناء رجعته فرجع ووقفته فوقف ، ورواه بعضهم عثل باللام ، وهو بمعناه وأما قول عمرو بن الإطنابة لأحيحة بن الجلاح :


                                                          فيم تبغي ظلمنا ولمه     في وسوق عثمة قنمه ؟



                                                          فإن ثعلبا قال : عثمة فاسدة ، وأظن أنها ناقصة مشتق من العثم ، وهو ما قدمنا من أن يجبر العظم على غير استواء ، وإن شئت قلت : إن أصل العثم الذي هو جبر العظم الفساد أيضا ; لأن ذلك النوع من الجبر فساد في العظم ونقصان عن قوته التي كان عليها أو عن شكله ، ابن الأعرابي : العثم جمع عاثم وهم المجبرون عثمه إذا جبره ، وحكى ابن الأعرابي عن بعض العرب : إني لأعثم شيئا من الرجز ، أي : أنتف ، والعيثوم : الضخم الشديد من كل شيء ، وجمل عيثوم : ضخم شديد وأنشد لعلقمة بن عبدة :


                                                          يهدي بها أكلف الخدين مختبر     من الجمال كثير اللحم عيثوم



                                                          والعيثوم : الفيل ، وكذلك الأنثى ، قال الأخطل :


                                                          وملحب خضل النبات كأنما     وطئت عليه بخفها العيثوم



                                                          ملحب : مجرح وقال الشاعر :


                                                          وقد أسير أمام الحي تحملني     والفضلتين كناز اللحم عيثوم



                                                          وجمعه عياثم ، وقال الغنوي : العيثوم الأنثى من الفيلة وأنشد الأخطل :


                                                          تركوا أسامة في اللقاء كأنما     وطئت عليه بخفها العيثوم



                                                          والعيثوم أيضا : الضبع ، وبعير عيثم : ضخم طويل ، وامرأة عيثمة : طويلة ، وبعير عثمثم : قوي طويل في غلظ ، وقيل : شديد عظيم وكذلك الأسد ، وناقة عثمثمة : شديدة علية ، وقيل : شديدة عظيمة ، والذكر عثمثم ، والعثمثم من الإبل : الطويل في غلظ والجمع عثمثمات ، وفي حديث ابن الزبير : أن نابغة بني جعدة امتدحه فقال يصف جملا :


                                                          أتاك أبو ليلى يجوب به الدجى     دجى الليل جواب الفلاة عثمثم



                                                          هو الجمل القوي الشديد ، وبغل عثمثم : قوي ، والعثمثم : الأسد ، ويقال ذلك من شدة وطئه ، قال :

                                                          خبعثن مشيته عثمثم

                                                          ومنكب عثمثم : شديد ، عن ابن الأعرابي وأنشد :


                                                          إلى ذراع منكب عثمثم



                                                          والعيثام : الدلب واحدته عيثامة ، وهي شجرة بيضاء تطول جدا ، وقيل : العيثام شجر ، أبو عمرو : العثمان الجان في أبواب الحيات والعثمان فرخ الثعبان ، وقيل : فرخ الحية ما كانت ، وكنية الثعبان أبو عثمان ، حكاه علي بن حمزة وبه كني الحنش أبا عثمان ، والعثمان : فرخ الحبارى ، وعثمان والعثام وعثامة وعثمة : أسماء ، وقال سيبويه : لا يكسر عثمان ; لأنك إن كسرته أوجبت في تحقيره عثيمين ، وإنما تقول عثمانون فتسلم كما يجب له في التحقير عثيمان ، وإنما وجب له في التحقير ذلك ; لأنا لم نسمعهم قالوا عثامين فحملنا تحقيره على باب غضبان ; لأن أكثر ما جاءت في آخره الألف والنون إنما هو على باب غضبان ، وعثمان : قبيلة أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ألقت إليه على جهد كلاكلها     سعد بن بكر ومن عثمان من وشلا



                                                          وعثمت المرأة المزادة وأعثمتها إذا خرزتها خرزا غير محكم ، وفي المثل :


                                                          إلا أكن صنعا فإني أعتثم



                                                          أي : إن لم أكن حاذقا فإني أعمل على قدر معرفتي ، ويقال : خذ هذا فاعتثم به ، أي : فاستعن به ، وقال ابن الفرج : سمعت جماعة من قيس يقولون : فلان يعثم ويعثن ، أي : يجتهد في الأمر ويعمل نفسه فيه ، ويقال : العثمان فرخ الحبارى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية