الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عجا ]

                                                          عجا : الأم تعجو ولدها : تؤخر رضاعه عن مواقيته ويورث ذلك ولدها وهنا قال الأعشى :


                                                          مشفقا قلبها عليه فما تع جوه إلا عفافة أو فواق



                                                          قال الجوهري : عجت الأم ولدها تعجوه عجوا إذا سقته اللبن ، وقيل : عجت المرأة ابنها عجوا أخرت رضاعه عن وقته ، وقيل : داوته بالغذاء حتى نهض . والعجوة والمعاجاة : أن لا يكون للأم لبن يروي صبيها فتعاجيه بشيء تعلله به ساعة ، وكذلك إن ولي ذلك منه غير أمه ، والاسم منه العجوة والفعل العجو واسم ذلك الولد العجي والأنثى عجية وقد عجته ، وعجاه اللبن : غذاه وأنشد بيت الأعشى :


                                                          وتعادى عنه النهار فما تع     جوه إلا عفاوة أو فواق



                                                          وأما من منع اللبن فغذي بالطعام فيقال : عوجي ، والعجي : الفصيل تموت أمه فيرضعه صاحبه بلبن غيرها ويقوم عليه ، وكذلك البهمة ، وقال ثعلب : هو الذي يغذى بغير لبن ، والأنثى عجية ، وقيل : الذكر والأنثى جميعا بغير هاء والجمع من كل ذلك عجايا وعجايا والأخيرة أقيس قال الشاعر :


                                                          عداني أن أزورك أن بهمي     عجايا كلها إلا قليلا



                                                          ويقال للبن الذي يعاجى به الصبي اليتيم أي يغذى به : عجاوة ويقال لذلك اليتيم الذي يغذى بغير لبن أمه : عجي ، وفي الحديث : كنت يتيما ولم أكن عجيا ، قال ابن الأثير : هو الذي لا لبن لأمه أو ماتت أمه فعلل بلبن غيرها أو بشيء آخر فأورثه ذلك وهنا ، وعاجيت الصبي إذا أرضعته بلبن غير أمه أو منعته اللبن وغذيته بالطعام ، وعجا الصبي يعجوه إذا علله بشيء فهو عجي ، وعجي هو يعجى عجا ، ويقال للبن الذي يعاجى به الصبي : عجاوة وأنشد الليث للنابغة الجعدي :


                                                          إذا شئت أبصرت من عقبهم     يتامى يعاجون كالأذؤب



                                                          وقال آخر في صفة أولاد الجراد :


                                                          إذا ارتحلت من منزل خلفت به     عجايا يحاثي بالتراب صغيرها



                                                          قال ابن بري : قال ابن خالويه العجي في البهائم مثل اليتيم في الناس ، قال ابن سيده : العجي من الناس الذي يفقد أمه ، وعجوته عجوا : أملته قال الحارث بن حلزة :


                                                          مكفهرا على الحوادث لا تع     جوه للدهر مؤيد صماء



                                                          ويروى : لا ترتوه ، وعجا البعير : رغا ، وعجا فاه : فتحه ، قال الأزهري : وعجا شدقه إذا لواه ، قال خلف الأحمر : سألت أعرابيا عن قولهم عجا شدقه فقال : إذا فتحه وأماله ، قال الأزهري : قال الطرماح يصف صائدا له أولاد لا أمهات لهم فهم يعاجون تربية سيئة :


                                                          إن يصب صيدا يكن جله     لعجايا قوتهم باللحام



                                                          وقال ابن شميل : يقال لقي فلان ما عجاه وما عظاه وما أورمه إذا لقي شدة وبلاء ، ولقاه الله ما عجاه وما عظاه أي ما ساءه ، وفي حديث الحجاج : أنه قال لبعض الأعراب : أراك بصيرا بالزرع ، فقال : إني طالما عاجيته أي عانيته وعالجته ، والعجي : السيء الغذاء وأنشد أبو زيد :


                                                          يسبق فيها الحمل العجيا     رغلا إذا ما آنس العشيا



                                                          والعجاوة : قدر مضغة من لحم تكون موصولة بعصبة تنحدر من ركبة البعير إلى الفرسن ، وهي من الفرس مضيغة وهي العجاية أيضا ، وقيل : هي عصبة في باطن يد الناقة ، وقال اللحياني : عجاوة الساق عصبة تتقلع معها في طرفها مثل العظيم وجمعها عجى كسروه على طرح الزائد فكأنهم جمعوا عجوة أو عجاة ؛ قال ابن سيده : وهذه [ ص: 55 ] الكلمة واوية ويائية ، وقال ابن شميل : العجاية من الفرس العصبة المستطيلة في الوظيف ومنتهاها إلى الرسغين وفيها يكون الحطم ، قال : والرسغ منتهى العجاية ، وقال ابن سيده في معتل الياء : العجاية عصب مركب فيه فصوص من عظام كأمثال فصوص الخاتم تكون عند رسغ الدابة ، زاد غيره : وإذا جاع أحدهم دقها بين فهرين فأكلها ، وقال كعب :


                                                          سمر العجايات يتركن الحصى زيما     لم يقهن رءوس الأكم تنعيل



                                                          قال : وتجمع على العجى ، يصف حوافرها بالصلابة ، قال ابن الأثير : هي أعصاب قوائم الإبل والخيل واحدتها عجاية ، قال ابن سيده : وقيل العجاية كل عصبة في يد أو رجل ، وقيل : هي عصبة باطن الوظيف من الفرس والثور والجمع عجى وعجي على حذف الزائد فيهما وعجايا ، عن ابن الأعرابي ، قال الجوهري : العجايتان عصبتان في باطن يدي الفرس وأسفل منهما هنات كأنها الأظفار تسمى السعدانات ، ويقال : كل عصب يتصل بالحافر فهو عجاية ، قال الراجز :


                                                          وحافر صلب العجى مدملق     وساق هيقواتها معرق



                                                          معرق : قليل اللحم قال ابن بري : وأنشده في فصل دملق :


                                                          وساق هيق أنفها معرق



                                                          والعجوة : ضرب من التمر يقال هو مما غرسه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده ويقال : هو نوع من تمر المدينة أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد من غرس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال الجوهري : العجوة ضرب من أجود التمر بالمدينة ونخلتها تسمى لينة ، قال الأزهري : العجوة التي بالمدينة هي الصيحانية وبها ضروب من العجوة ليس لها عذوبة الصيحانية ولا ريها ولا امتلاؤها ، وفي الحديث : العجوة من الجنة ، وحكى ابن سيده عن أبي حنيفة : العجوة بالحجاز أم التمر الذي إليه المرجع كالشهريز بالبصرة ، والتبي بالبحرين والجذامي باليمامة . وقال مرة أخرى : العجوة ضرب من التمر ، وقيل لأحيحة بن الجلاح : ما أعددت للشتاء ، قال : ثلثمائة وستين صاعا من عجوة تعطي الصبي منها خمسا فيرد عليك ثلاثا ، قال الجوهري : ويقال العجى الجلود اليابسة تطبخ وتؤكل الواحدة عجية ، وقال أبو المهوش :


                                                          ومعصب قطع الشتاء وقوته     أكل العجى وتكسب الأشكاد
                                                          فبدأته بالمحض ثم ثنيته     بالشحم قبل محمد وزياد



                                                          وحكى ابن بري عن ابن ولاد : العجى في البيت جمع عجوة وهو عجب الذنب ، قال : وهو غلط منه إنما ذلك عكوة وعكى ، قال :


                                                          حتى توليك عكى أذنابها



                                                          وسيأتي ذكره ، والعجى أيضا : عصبة الوظيف والأشكاد : جمع شكد وهو العطاء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية