الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6163 ) مسألة قال : ( وإذا قال لزوجته : أنت علي كظهر أمي ، أو كظهر امرأة أجنبية ، أو أنت علي حرام . أو حرم عضوا من أعضائها ، فلا يطؤها حتى يأتي بالكفارة ) ( 6164 ) في هذه المسألة فصول خمسة : أحدها أنه متى شبه امرأته بمن تحرم عليه على التأبيد : أحدها : أنه متى شبه امرأته بمن تحرم عليه على التأبيد ، فقال : أنت علي كظهر أمي ، أو أختي ، أو غيرهما . فهو مظاهر . وهذا على ثلاثة أضرب : أحدها ، أن يقول : أنت علي كظهر أمي . فهذا ظهار إجماعا ، قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن [ ص: 5 ] تصريح الظهار أن يقول : أنت علي كظهر أمي . وفي حديث خويلة امرأة أوس بن الصامت ، أنه قال لها : أنت علي كظهر أمي . فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالكفارة .

                                                                                                                                            الضرب الثاني ، أن يشبهها بظهر من تحرم عليه من ذوي رحمه ، كجدته وعمته وخالته وأخته . فهذا ظهار في قول أكثر أهل العلم ; منهم الحسن ، وعطاء ، وجابر بن زيد ، والشعبي ، والنخعي ، والزهري ، والثوري ، والأوزاعي ، ومالك ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . وهو جديد قولي الشافعي . وقال في القديم : لا يكون الظهار إلا بأم أو جدة ; لأنها أم أيضا ، لأن اللفظ الذي ورد به القرآن مختص بالأم ، فإذا عدل عنه ، لم يتعلق به ما أوجبه الله تعالى فيه .

                                                                                                                                            ولنا أنهن محرمات بالقرابة ، فأشبهن الأم فأما الآية فقد قال فيها : { وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا } . وهذا موجود في مسألتنا ، فجرى مجراه . وتعليق الحكم بالأم لا يمنع ثبوت الحكم في غيرها إذا كانت مثلها . الضرب الثالث ، أن يشبهها بظهر من تحرم عليه على التأبيد سوى الأقارب ، كالأمهات المرضعات ، والأخوات من الرضاعة ، وحلائل الآباء والأبناء ، وأمهات النساء ، والربائب اللائي دخل بأمهن ، فهو ظهار أيضا . والخلاف فيها كالتي قبلها . ووجه المذهبين ما تقدم ، ويزيد في الأمهات المرضعات دخولها في عموم الأمهات ، فتكون داخلة في النص ، وسائرهن في معناها ، فيثبت فيهن حكمها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية