الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عرب ]

                                                          عرب : العرب والعرب : جيل من الناس معروف خلاف العجم ، وهما واحد مثل العجم والعجم ، مؤنث ، وتصغيره بغير هاء نادر ، الجوهري : العريب تصغير العرب ، قال أبو الهندي واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس :


                                                          فأما البهط وحيتانكم فما زلت فيها كثير السقم     وقد نلت منها كما نلتم
                                                          فلم أر فيها كضب هرم     وما في البيوض كبيض الدجاج
                                                          وبيض الجراد شفاء القرم .     ومكن الضباب طعام العري
                                                          ب لا تشتهيه نفوس العجم

                                                          .

                                                          صغرهم تعظيما كما قال : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، والعرب العاربة : هم الخلص منهم ، وأخذ من لفظه فأكد به كقولك : ليل لائل ، تقول : عرب عاربة وعرباء : صرحاء ، ومتعربة ومستعربة : دخلاء ليسوا بخلص ، والعربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن بدويا ، والأعرابي : البدوي وهم الأعراب ، والأعاريب : جمع الأعراب ، وجاء في الشعر الفصيح الأعاريب ، وقيل : ليس الأعراب جمعا لعرب كما كان الأنباط جمعا لنبط ، وإنما العرب اسم جنس ، والنسب إلى الأعراب : أعرابي ، قال سيبويه : إنما قيل في النسب إلى الأعراب أعرابي ; لأنه لا واحد له على هذا المعنى ، ألا ترى أنك تقول العرب فلا يكون على هذا المعنى ؟ فهذا يقويه ، وعربي : بين العروبة والعروبية ، وهما من المصادر التي لا أفعال لها ، وحكى الأزهري : رجل عربي : إذا كان نسبه في العرب ثابتا ، وإن لم يكن فصيحا ، وجمعه العرب كما يقال : رجل مجوسي ويهودي ، والجمع بحذف ياء النسبة : اليهود والمجوس ، ورجل معرب : إذا كان فصيحا ، وإن كان عجمي النسب ، ورجل أعرابي بالألف : إذا كان بدويا صاحب نجعة وانتواء وارتياد للكلإ وتتبع لمساقط الغيث ، وسواء كان من العرب أو من مواليهم ، ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب ، والأعرابي إذا قيل له : يا عربي ! فرح بذلك وهش له ، والعربي إذا قيل له : يا أعرابي ! غضب له ، فمن نزل البادية أو جاور البادين وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب ، ومن نزل بلاد الريف واستوطن المدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب : فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء ، وقول الله عز وجل : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ، فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة طمعا في الصدقات لا رغبة في الإسلام فسماهم الله تعالى الأعراب ، ومثلهم الذين ذكرهم في سورة التوبة ، فقال : الأعراب أشد كفرا ونفاقا الآية ، قال الأزهري : والذي لا يفرق بين العرب والأعراب والعربي والأعرابي ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية ، وهو لا يميز بين العرب والأعراب ولا يجوز أن يقال للمهاجرين والأنصار أعراب ؛ إنما هم عرب ; لأنهم استوطنوا القرى العربية وسكنوا المدن سواء منهم الناشئ بالبدو ، ثم استوطن القرى والناشئ بمكة ثم هاجر إلى المدينة ، فإن لحقت طائفة منهم بأهل البدو بعد هجرتهم واقتنوا نعما ورعوا مساقط الغيث بعدما كانوا حاضرة أو مهاجرة ؛ قيل : قد تعربوا ، أي : صاروا أعرابا بعدما كانوا عربا ، وفي الحديث : تمثل في خطبته مهاجر ليس بأعرابي جعل المهاجر ضد الأعرابي ، قال : والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة ، والعرب : هذا الجيل لا واحد له من لفظه وسواء أقام بالبادية والمدن والنسبة إليهما أعرابي وعربي ، وفي الحديث : ثلاث من الكبائر منها التعرب بعد الهجرة هو أن يعود إلى البادية ، ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا ، وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد ، ومنه حديث ابن الأكوع : لما قتل عثمان خرج إلى الربذة وأقام بها ثم إنه دخل على الحجاج يوما فقال له : يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك وتعربت ، قال : ويروى بالزاي وسنذكره في موضعه ، قال : والعرب : أهل الأمصار ، والأعراب منهم : سكان البادية خاصة ، وتعرب ، أي : تشبه بالعرب ، وتعرب بعد هجرته ، أي : صار أعرابيا ، والعربية : هي هذه اللغة ، واختلف الناس في العرب لم سموا عربا ، فقال بعضهم : أول من أنطق الله لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان وهو أبو اليمن كلهم ، وهم العرب العاربة ، ونشأ إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام معهم فتكلم بلسانهم ، فهو وأولاده العرب المستعربة ، وقيل : إن أولاد إسماعيل نشئوا بعربة ، وهي من تهامة فنسبوا إلى بلدهم ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خمسة أنبياء من العرب وهم : محمد وإسماعيل وشعيب وصالح وهود صلوات الله عليهم ، وهذا يدل على أن لسان العرب قديم ، وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب ، فكان شعيب وقومه [ ص: 83 ] بأرض مدين ، وكان صالح وقومه بأرض ثمود ينزلون بناحية الحجر ، وكان هود وقومه عاد ينزلون الأحقاف من رمال اليمن ، وكانوا أهل عمد وكان إسماعيل بن إبراهيم والنبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم من سكان الحرم ، وكل من سكن بلاد العرب وجزيرتها ونطق بلسان أهلها فهم عرب يمنهم ومعدهم ، قال الأزهري : والأقرب عندي أنهم سموا عربا باسم بلدهم العربات ، وقال إسحاق بن الفرج : عربة : باحة العرب ، وباحة دار أبي الفصاحة ، إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، وفيها يقول قائلهم :


                                                          وعربة أرض ما يحل حرامها     من الناس إلا اللوذعي الحلاحل

                                                          .

                                                          يعني النبي صلى الله عليه وسلم أحلت له مكة ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة ، قال : واضطر الشاعر إلى تسكين الراء من عربة فسكنها ، وأنشد قول الآخر :


                                                          ورجت باحة العربات رجا     ترقرق في مناكبها الدماء

                                                          .

                                                          قال : وأقامت قريش بعربة فتنخت بها ، وانتشر سائر العرب في جزيرتها فنسبوا كلهم إلى عربة ; لأن أباهم إسماعيل صلى الله عليه وسلم بها نشأ وربل أولاده فيها فكثروا فلما لم تحتملهم البلاد انتشروا وأقامت قريش بها ، وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : قريش هم أوسط العرب في العرب دارا ، وأحسنه جوارا ، وأعربه ألسنة ، وقال قتادة : كانت قريش تجتبي ، أي : تختار أفضل لغات العرب حتى صار أفضل لغاتها لغتها فنزل القرآن بها ، قال الأزهري : وجعل الله عز وجل القرآن المنزل على النبي المرسل محمد صلى الله عليه وسلم عربيا ; لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم ، وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب - في باديتها وقراها - العربية ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عربيا ; لأنه من صريح العرب ، ولو أن قوما من الأعراب الذين يسكنون البادية حضروا القرى العربية وغيرها وتناءوا معهم فيها سموا عربا ولم يسموا أعرابا ، وتقول : رجل عربي اللسان : إذا كان فصيحا ، وقال الليث : يجوز أن يقال : رجل عرباني اللسان ، قال : والعرب المستعربة هم الذين دخلوا فيهم بعد فاستعربوا ، قال الأزهري : المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب فتكلموا بلسانهم وحكوا هيئاتهم وليسوا بصرحاء فيهم ، وقال الليث : تعربوا مثل استعربوا ، قال الأزهري : ويكون التعرب أن يرجع إلى البادية بعدما كان مقيما بالحضر فيلحق بالأعراب ، ويكون التعرب المقام بالبادية ومنه قول الشاعر :


                                                          تعرب آبائي فهلا وقاهم     من الموت رملا عالج وزرود

                                                          .

                                                          يقول : أقام آبائي بالبادية ، ولم يحضروا القرى ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الثيب تعرب عن نفسها ، أي : تفصح ، وفي حديث آخر : الثيب يعرب عنها لسانها والبكر تستأمر في نفسها ، وقال أبو عبيد : هذا الحرف جاء في الحديث يعرب بالتخفيف ، وقال الفراء : إنما هو يعرب بالتشديد ، يقال : عربت عن القوم : إذا تكلمت عنهم واحتججت لهم ، وقيل : إن أعرب معنى عرب ، وقال الأزهري : الإعراب والتعريب معناهما واحد ، وهو الإبانة ؛ يقال : أعرب عنه لسانه وعرب ، أي : أبان وأفصح ، وأعرب عن الرجل : بين عنه ، وعرب عنه : تكلم بحجته ، وحكى ابن الأثير عن ابن قتيبة : الصواب يعرب عنها بالتخفيف ، وإنما سمي الإعراب إعرابا لتبيينه وإيضاحه ؛ قال : وكلا القولين لغتان متساويتان بمعنى الإبانة والإيضاح ، ومنه الحديث الآخر : فإنما كان يعرب عما في قلبه لسانه ، ومنه حديث التيمي : كانوا يستحبون أن يلقنوا الصبي حين يعرب أن يقول : لا إله إلا الله سبع مرات ، أي : حين ينطق ويتكلم ، وفي حديث السقيفة : أعربهم أحسابا ، أي : أبينهم وأوضحهم ، ويقال : أعرب عما في ضميرك ، أي : أبن ، ومن هذا يقال للرجل الذي أفصح بالكلام : أعرب ، وقال أبو زيد الأنصاري : يقال : أعرب الأعجمي إعرابا وتعرب تعربا واستعرب استعرابا : كل ذلك للأغتم دون الصبي ، قال : وأفصح الصبي في منطقه إذا فهمت ما يقول أول ما يتكلم ، وأفصح الأغتم إفصاحا ؛ مثله ، ويقال للعربي : أفصح لي ، أي : أبن لي كلامك ، وأعرب الكلام وأعرب به : بينه ، أنشد أبو زياد :


                                                          وإني لأكني عن قذور بغيرها     وأعرب أحيانا بها فأصارح

                                                          .

                                                          وعربه كأعربه ، وأعرب بحجته ، أي : أفصح بها ولم يتق أحدا ، قال الكميت :


                                                          وجدنا لكم في آل حم آية     تأولها منا تقي معرب

                                                          .

                                                          هكذا أنشده سيبويه كمكلم ، وأورد الأزهري هذا البيت " تقي ومعرب " ، وقال : تقي يتوقى إظهاره ، حذر أن يناله مكروه من أعدائكم ومعرب ، أي : مفصح بالحق لا يتوقاهم ، وقال الجوهري : معرب مفصح بالتفصيل وتقي ساكت عنه للتقية ، قال الأزهري : والخطاب في هذا لبني هاشم حين ظهروا على بني أمية والآية قوله عز وجل : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، وعرب منطقه ، أي : هذبه من اللحن ، والإعراب الذي هو النحو إنما هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ ، وأعرب كلامه إذا لم يلحن في الإعراب ، ويقال : عربت له الكلام تعريبا وأعربت له إعرابا : إذا بينته له حتى لا يكون فيه حضرمة ، وعرب الرجل يعرب عربا وعروبا عن ثعلب وعروبة وعرابة وعروبية كفصح ، وعرب : إذا فصح بعد لكنة في لسانه ، ورجل عريب معرب ، وعربه : علمه العربية ، وفي حديث الحسن أنه قال له البتي : ما تقول في رجل رعف في الصلاة ؟ ; فقال الحسن : إن هذا يعرب الناس وهو يقول رعف ، أي : يعلمهم العربية ويلحن إنما هو رعف ، وتعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها تقول : عربته العرب وأعربته أيضا وأعرب الأغتم وعرب لسانه بالضم عروبة ، أي : صار عربيا ، [ ص: 84 ] وتعرب واستعرب أفصح ، قال الشاعر :


                                                          ماذا لقينا من المستعربين ، ومن     قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا

                                                          وأعرب الرجل ، أي : ولد له ولد عربي اللون ، وفي الحديث : لا تنقشوا في خواتمكم عربيا ، أي : لا تنقشوا فيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأنه كان نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنه حديث عمر رضي الله عنه : لا تنقشوا في خواتمكم العربية ، وكان ابن عمر يكره أن ينقش في الخاتم القرآن ، وعربية الفرس : عتقه وسلامته من الهجنة ، وأعرب : صهل فعرف عتقه بصهيله ، والإعراب : معرفتك بالفرس العربي من الهجين إذا صهل ، وخيل عراب معربة ، قال الكسائي : والمعرب من الخيل : الذي ليس فيه عرق هجين والأنثى معربة وإبل عراب كذلك ، وقد قالوا : خيل أعرب وإبل أعرب ، قال :


                                                          ما كان إلا طلق الإهماد     وكرنا بالأعرب الجياد
                                                          حتى تحاجزن عن الرواد     تحاجز الري ولم تكاد

                                                          .

                                                          حول الإخبار إلى المخاطبة ، ولو أراد الإخبار فاتزن له لقال : ولم تكد ، وفي حديث سطيح : تقود خيلا عرابا ، أي : عربية منسوبة إلى العرب ، وفرقوا بين الخيل والناس فقالوا في الناس : عرب وأعراب ، وفي الخيل : عراب ، والإبل العراب والخيل العراب خلاف البخاتي والبراذين ، وأعرب الرجل : ملك خيلا عرابا أو إبلا عرابا أو اكتسبها فهو معرب ، قال الجعدي :


                                                          ويصهل في مثل جوف الطوي     صهيلا تبين للمعرب

                                                          يقول : إذا سمع صهيله من له خيل عراب عرف أنه عربي ، والتعريب : أن يتخذ فرسا عربيا ، ورجل معرب : معه فرس عربي ، وفرس معرب : خلصت عربيته ، وعرب الفرس : بزغه ، وذلك أن تنسف أسفل حافره ، ومعناه أنه قد بان بذلك ما كان خفيا من أمره لظهوره إلى مرآة العين بعدما كان مستورا ، وبذلك تعرف حاله أصلب هو أم رخو ، وصحيح هو أم سقيم ، قال الأزهري : والتعريب تعريب الفرس وهو أن يكوى على أشاعر حافره في مواضع ثم يبزغ بمبزغ بزغا رفيقا لا يؤثر في عصبه ليشتد أشعره ، وعرب الدابة : بزغها على أشاعرها ثم كواها ، والإعراب والتعريب : الفحش ، والتعريب والإعراب والإعرابة والعرابة بالفتح والكسر : ما قبح من الكلام ، وأعرب الرجل : تكلم بالفحش ، وقال ابن عباس في قوله تعالى : فلا رفث ولا فسوق ، هو العرابة في كلام العرب ، قال : والعرابة كأنه اسم موضوع من التعريب وهو ما قبح من الكلام ، يقال منه : عربت وأعربت ، ومنه حديث عطاء : أنه كره الإعراب للمحرم ، وهو الإفحاش في القول والرفث ، ويقال أراد به الإيضاح والتصريح بالهجر من الكلام ، وفي حديث ابن الزبير : لا تحل العرابة للمحرم ، وفي الحديث : أن رجلا من المشركين كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رجل من المسلمين : والله لتكفن عن شتمه أو لأرحلنك بسيفي هذا فلم يزدد إلا استعرابا فحمل عليه فضربه وتعاوى عليه المشركون فقتلوه ، الاستعراب : الإفحاش في القول ، وقال رؤبة يصف نساء : جمعن العفاف عند الغرباء والإعراب عند الأزواج ، وهو ما يستفحش من ألفاظ النكاح والجماع ، فقال :


                                                          والعرب في عفافة وإعراب

                                                          وهذا كقولهم : خير النساء المتبذلة لزوجها الخفرة في قومها ، وعرب عليه : قبح قوله وفعله ، وغيره عليه ورده عليه ، والإعراب كالتعريب ، والإعراب : ردك الرجل عن القبيح ، وعرب عليه : منعه ، وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس أن لا تعربوا عليه ، فليس من التعريب الذي جاء في الخبر ، وإنما هو من قولك : عربت على الرجل قوله إذا قبحته عليه ، وقال الأصمعي وأبو زيد في قوله : أن لا تعربوا عليه ، معناه أن لا تفسدوا عليه كلامه وتقبحوه ، ومنه قول أوس بن حجر :


                                                          ومثل ابن عثم إن ذحول تذكرت     وقتلى تياس عن صلاح تعرب

                                                          ويروى : يعرب يعني أن هؤلاء الذين قتلوا منا ولم نثئر بهم ولم نقتل الثأر إذا ذكر دماؤهم أفسدت المصالحة ومنعتنا عنها ، والصلاح : المصالحة ، ابن الأعرابي : التعريب التبيين والإيضاح في قوله : الثيب تعرب عن نفسها ، أي : ما يمنعكم أن تصرحوا له بالإنكار والرد عليه ولا تستأثروا ، قال : والتعريب المنع والإنكار في قوله أن لا تعربوا ، أي : لا تمنعوا ، وكذلك قوله عن صلاح تعرب ، أي : تمنع ، وقيل : الفحش والتقبيح من عرب الجرح إذا فسد ، ومنه الحديث : أن رجلا أتاه فقال : إن ابن أخي عرب بطنه ، أي : فسد فقال : اسقه عسلا ، وقال شمر : التعريب أن يتكلم الرجل بالكلمة فيفحش فيها أو يخطئ فيقول له الآخر : ليس كذا ، ولكنه كذا للذي هو أصوب ، أراد معنى حديث عمر أن لا تعربوا عليه ، قال : والتعريب مثل الإعراب من الفحش في الكلام ، وفي حديث بعضهم : ما أوتي أحد من معاربة النساء ما أوتيته أنا ، كأنه أراد أسباب الجماع ومقدماته ، وعرب الرجل عربا فهو عرب : اتخم ، وعربت معدته بالكسر عربا : فسدت ، وقيل : فسدت مما يحمل عليها مثل ذربت ذربا فهي عربة وذربة ، وعرب الجرح عربا وحبط حبطا : بقي فيه أثر بعد البرء ونكس وعفر ، وعرب السنام عربا إذا ورم وتقيح ، والتعريب : تمريض العرب وهو الذرب المعدة ، قال الأزهري : ويحتمل أن يكون التعريب على من يقول بلسانه المنكر من هذا ; لأنه يفسد عليه كلامه كما فسدت معدته ، قال أبو زيد الأنصاري : فعلت كذا وكذا فما عرب علي أحد ، أي : ما غير علي أحد ، والعرابة والإعراب : النكاح ، وقيل : التعريض به ، والعربة والعروب : كلتاهما المرأة الضحاكة ، وقيل : هي المتحببة إلى زوجها المظهرة له ذلك ، وبذلك فسر قوله عز وجل : عربا أترابا ، [ ص: 85 ] وقيل : هي العاشقة له ، وفي حديث عائشة : فاقدروا قدر الجارية العربة ، قال ابن الأثير : هي الحريصة على اللهو ، فأما العرب : فجمع عروب وهي المرأة الحسناء المتحببة إلى زوجها ، وقيل : العرب الغنجات ، وقيل : المغتلمات ، وقيل : العواشق ، وقيل : هي الشكلات بلغة أهل مكة والمغنوجات بلغة أهل المدينة ، والعروبة : مثل العروب في صفة النساء ، وقال اللحياني : هي العاشق الغلمة وهي العروب أيضا ، ابن الأعرابي قال : العروب المطيعة لزوجها المتحببة إليه ، قال : والعروب أيضا العاصية لزوجها الخائنة بفرجها الفاسدة في نفسها ، وأنشد :


                                                          فما خلف من أم عمران سلفع     من السود ورهاء العنان عروب

                                                          قال ابن سيده : وأنشد ثعلب هذا البيت ولم يفسره ، قال : وعندي أن عروب في هذا البيت الضحاكة ، وهم يعيبون النساء بالضحك الكثير ، وجمع العربة : عربات ، وجمع العروب : عرب ، قال :


                                                          أعدى بها العربات البدن

                                                          العرب وتعربت المرأة للرجل : تغزلت ، وأعرب الرجل : تزوج امرأة عروبا ، والعرب : النشاط والأرن ، وعرب عرابة : نشط ، قال :


                                                          كل طمر غذوان عربه

                                                          ويروى : عدوان ، وماء عرب : كثير ، والتعريب : الإكثار من شرب العرب وهو الكثير من الماء الصافي ، ونهر عرب : غمر ، وبئر عربة : كثيرة الماء والفعل من كل ذلك عرب عربا فهو عارب وعاربة ، والعربة بالتحريك : النهر الشديد الجري ، والعربة أيضا : النفس ، قال ابن ميادة :


                                                          لما أتيتك أرجو فضل نائلكم     نفحتني نفحة طابت لها العرب

                                                          والعربات : سفن رواكد كانت في دجلة ، واحدتها على لفظ ما تقدم ، عربة . والتعريب : قطع سعف النخل وهو التشذيب ، والعرب : يبيس البهمى خاصة ، وقيل : يبيس كل بقل ، الواحدة عربة ، وقيل : عرب البهمى شوكها ، والعربي : شعير أبيض وسنبله حرفان عريض ، وحبه كبار أكبر من شعير العراق وهو أجود الشعير ، وما بالدار عريب ومعرب ، أي : أحد ، الذكر والأنثى فيه سواء ، ولا يقال في غير النفي ، وأعرب سقي القوم إذا كان مرة غبا ، ومرة خمسا ثم قام على وجه واحد ، ابن الأعرابي : العراب الذي يعمل العرابات واحدتها عرابة ، وهي شمل ضروع الغنم ، وعرب الرجل إذا غرق في الدنيا ، والعربان والعربون والعربون : كله ما عقد به البيعة من الثمن ، أعجمي أعرب ، قال الفراء : أعربت إعرابا وعربت تعريبا إذا أعطيت العربان ، وروي عن عطاء أنه كان ينهى عن الإعراب في البيع ، قال شمر : الإعراب في البيع أن يقول الرجل للرجل : إن لم آخذ هذا البيع بكذا فلك كذا وكذا من مالي ، وفي الحديث أنهنهى عن بيع العربان ؛ هو أن يشتري السلعة ، ويدفع إلى صاحبها شيئا على أنه إن أمضى البيع حسب من الثمن ، وإن لم يمض البيع كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري ، يقال : أعرب في كذا وعرب وعربن وهو عربان وعربون وعربون ، وقيل : سمي بذلك ; لأن فيه إعرابا لعقد البيع ، أي : إصلاحا وإزالة فساد لئلا يملكه غيره باشترائه ، وهو بيع باطل عند الفقهاء لما فيه من الشرط والغرر ، وأجازه أحمد ، وروي عن ابن عمر إجازته ، قال ابن الأثير : وحديث النهي منقطع ، وفي حديث عمر : أن عامله بمكة اشترى دارا للسجن بأربعة آلاف وأعربوا فيها أربعمائة ، أي : أسلفوا وهو من العربان ، وفي حديث عطاء : أنه كان ينهى عن الإعراب في البيع ، ويقال : ألقى فلان عربونه إذا أحدث ، وعروبة والعروبة : كلتاهما الجمعة ، وفي الصحاح : يوم العروبة بالإضافة ، وهو من أسمائهم القديمة قال :


                                                          أؤمل أن أعيش وأن يومي     بأول أو بأهون أو جبار
                                                          أو التالي دبار فإن أفته     فمؤنس أو عروبة أو شيار

                                                          أراد : فبمؤنس وترك صرفه على اللغة العادية القديمة ، وإن شئت جعلته على لغة من رأى ترك صرف ما ينصرف ، ألا ترى أن بعضهم قد وجه قول الشاعر : .

                                                          . . . . . . . .

                                                          وممن ولدوا :     عامر ذو الطول وذو العرض

                                                          على ذلك ، قال أبو موسى الحامض : قلت لأبي العباس : هذا الشعر موضوع ، قال : لم ؟ قلت : لأن مؤنسا وجبارا ودبارا وشيارا تنصرف وقد ترك صرفها ، فقال : هذا جائز في الكلام فكيف في الشعر ؟ وفي حديث الجمعة : كانت تسمى عروبة هو اسم قديم لها ، وكأنه ليس بعربي ، يقال : يوم عروبة ويوم العروبة ، والأفصح أن لا يدخلها الألف واللام ، قال السهيلي في الروض الأنف : كعب بن لؤي جد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من جمع يوم العروبة ، ولم تسم العروبة إلا مذ جاء الإسلام ، وهو أول من سماها الجمعة ، فكانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم ويعلمهم أنه من ولده ، ويأمرهم باتباعه والإيمان به ، وينشد في هذا أبياتا منها :


                                                          يا ليتني شاهد فحواء دعوته     إذا قريش تبغي الخلق خذلانا

                                                          قال ابن الأثير : وعروبا اسم السماء السابعة ، والعبرب : السماق ، وقدر عربربية وعبربية ، أي : سماقية ، وفي حديث الحجاج قال لطباخه : اتخذ لنا عبربية وأكثر فيجنها ، العبرب : السماق والفيجن : السذاب ، والعراب : حمل الخزم وهو شجر يفتل من لحائه الحبال الواحدة عرابة تأكله القرود ، وربما أكله الناس في المجاعة ، والعربات : طريق في جبل بطريق مصر ، وعريب : حي من اليمن ، وابن العروبة : رجل معروف ، وفي الصحاح : ابن أبي العروبة بالألف واللام ، ويعرب : اسم ، وعرابة بالفتح : اسم رجل من الأنصار من الأوس ، قال الشماخ :

                                                          [ ص: 86 ] إذا

                                                          ما راية رفعت لمجد     تلقاها عرابة باليمين



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية