الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عرج ]

                                                          عرج : العرج والعرجة : الظلع ، والعرجة أيضا : موضع العرج من الرجل ، والعرجان بالتحريك : مشية الأعرج ، ورجل أعرج من قوم عرج وعرجان ، وقد عرج يعرج وعرج وعرج عرجانا : مشى مشية الأعرج بعرض فغمز من شيء أصابه ، وعرج لا غير : صار أعرج ، وأعرج الرجل : جعله أعرج ، قال الشماخ :

                                                          [ ص: 87 ]

                                                          فبت كأني متق رأس حية لحاجتها إن تخطئ النفس تعرج

                                                          .

                                                          وأعرجه الله ، وما أشد عرجه ! ولا تقل : ما أعرجه ; لأن ما كان لونا أو خلقة في الجسد لا يقال منه : ما أفعله إلا مع أشد ، وأمر عريج : إذا لم يبرم ، وعرج البناء تعريجا ، أي : ميله فتعرج ، وقوله أنشده ثعلب :


                                                          ألم تر أن الغزو يعرج أهله     مرارا وأحيانا يفيد ويورق ؟

                                                          .

                                                          لم يفسره ، وهو من ذلك كأنه كناية عن الخيبة ، وتعارج : حكى مشية الأعرج ، والعرجاء : الضبع ، خلقة فيها ، والجمع عرج ، والعرب تجعل عرج معرفة لا تنصرف ، تجعلها بمعنى الضباع بمنزلة قبيلة ، ولا يقال للذكر أعرج ، ويقال لها عراج معرفة ؛ لعرجها ، وقول أبي مكعب الأسدي :


                                                          أفكان أول ما أثبت تهارشت     أبناء عرج عليك عند وجار

                                                          .

                                                          يعني أبناء الضباع ، وترك صرف عرج ; لأنه جعله اسما للقبيلة ، وأما ابن الأعرابي فقال : لم يجر عرج وهو جمع ; لأنه أراد التوحيد والعرجة فكأنه قصد إلى اسم واحد وهو - إذا كان اسما غير مسمى به - نكرة ، والعرج في الإبل كالحقب ، وهو أن لا يستقيم مخرج بوله فيقال : حقب البعير حقبا وعرج عرجا فهو عرج ، ولا يكون ذلك إلا للجمل إذا شد عليه الحقب ، يقال : أخلف عنه لئلا يحقب ، وانعرج الشيء : مال يمنة ويسرة ، وانعرج : انعطف ، وعرج النهر : أماله ، والعرج : النهر والوادي لانعراجهما ، وعرج عليه : عطف ، وعرج بالمكان : إذا أقام ، والتعريج على الشيء : الإقامة عليه ، وعرج الناقة : حبسها ، وما لي عندك عرجة ولا عرجة ولا عرجة ولا عرجة ولا تعريج ولا تعرج ، أي : مقام ، وقيل : مجلس ، وفي ترجمة عرض : تعرض يا فلان وتهجس وتعرج ، أي : أقم ، والتعريج : أن تحبس مطيتك مقيما على رفقتك أو لحاجة ؛ يقال : عرج فلان على المنزل ، وفي الحديث : فلم أعرج عليه ، أي : لم أقم ولم أحتبس ، ويقال للطريق إذا مال : قد انعرج ، وانعرج الوادي وانعرج القوم على الطريق : مالوا عنه ، وعرج في الدرجة والسلم يعرج عروجا ، أي : ارتقى ، وعرج في الشيء وعليه يعرج ويعرج عروجا أيضا : رقي ، وعرج الشيء فهو عريج : ارتفع وعلا ، قال أبو ذؤيب :


                                                          كما نور المصباح للعجم أمرهم     بعيد رقاد النائمين عريج

                                                          .

                                                          وفي التنزيل : تعرج الملائكة والروح إليه ، أي : تصعد ، يقال : عرج يعرج عروجا . وفيه : من الله ذي المعارج ، المعارج : المصاعد والدرج ، قال قتادة : ذي المعارج ذي الفواضل والنعم ، وقيل : معارج الملائكة وهي مصاعدها التي تصعد فيها وتعرج فيها ، وقال الفراء : ذي المعارج من نعت الله ; لأن الملائكة تعرج إلى الله ، فوصف نفسه بذلك ، والقراء كلهم على التاء في قوله : تعرج الملائكة ، إلا ما ذكر عن عبد الله ، وكذلك قرأ الكسائي ، والمعرج : المصعد ، والمعرج : الطريق الذي تصعد فيه الملائكة ، والمعراج : شبه سلم أو درجة تعرج عليه الأرواح إذا قبضت ، يقال : ليس شيء أحسن منه إذا رآه الروح لم يتمالك أن يخرج ، قال : ولو جمع على المعاريج لكان صوابا ، فأما المعارج فجمع المعرج ، قال الأزهري : ويجوز أن يجمع المعراج معارج ، والمعراج : السلم ومنه ليلة المعراج ، والجمع معارج ومعاريج مثل مفاتح ومفاتيح ، قال الأخفش : إن شئت جعلت الواحد معرجا ومعرجا مثل مرقاة ومرقاة ، والمعارج : المصاعد ، وقيل : المعراج حيث تصعد أعمال بني آدم ، وعرج بالروح والعمل : صعد بهما ، فأما قول الحسين بن مطير :


                                                          زارتك سهمة والظلماء ضاحية     والعين هاجعة والروح معروج

                                                          .

                                                          فإنما أراد معروج به ، فحذف ، والعرج والعرج من الإبل : ما بين السبعين إلى الثمانين ، وقيل : هو ما بين الثمانين إلى التسعين ، وقيل : مائة وخمسون وفويق ذلك ، وقيل : من خمسمائة إلى ألف ، قال ابن قيس الرقيات :


                                                          أنزلوا من حصونهن بنات الت     رك يأتون بعد عرج بعرج

                                                          .

                                                          والجمع أعراج وعروج قال :


                                                          يوم تبدي البيض عن أسوقها     وتلف الخيل أعراج النعم

                                                          .

                                                          وقال ساعدة بن جؤية :


                                                          واستدبروهم يكفئون عروجهم     مور الجهام إذا زفته الأزيب

                                                          .

                                                          أبو زيد : العرج : الكثير من الإبل ، أبو حاتم : إذا جاوزت الإبل المائتين وقاربت الألف فهي عرج وعروج وأعراج ، وأعرج الرجل : إذا كان له عرج من الإبل ، ويقال : قد أعرجتك ، أي : وهبتك عرجا من الإبل ، والعرج : غيبوبة الشمس ، ويقال : انعراجها نحو المغرب ، وأنشد أبو عمرو :


                                                          حتى إذا ما الشمس همت بعرج

                                                          .

                                                          والعرج : ثلاث ليال من أول الشهر ، حكي ذلك عن ثعلب ، والأعيرج : حية أصم خبيث ، والجمع الأعيرجات ، قال : والأعيرج أخبث الحيات يثب حتى يصير مع الفارس في سرجه ، قال أبو خيرة : هي حية صماء لا تقبل الرقية وتطفر كما تطفر الأفعى والجمع الأعيرجات ، وقيل : هي حية عريض له قائمة واحدة عريض مثل النبث والراب نبثه من ركنه أو ما كان فهو نبث وهو نحو الأصلة ، والعارج : العائب ، والعريجاء : أن ترد الإبل يوما نصف النهار ويوما غدوة ، وقيل : هو أن ترد غدوة ثم تصدر عن الماء فتكون سائر يومها في الكلإ وليلتها ويومها من غدها ، فترد ليلا الماء ، ثم تصدر عن الماء فتكون بقية ليلتها في الكلإ ويومها من الغد وليلتها ثم تصبح الماء غدوة وهي من صفات الرفه ، وفي صفات الرفه : [ ص: 88 ] الظاهرة والضاحية والآبية والعريجاء ، ويقال : إن فلانا ليأكل العريجاء : إذا أكل كل يوم مرة واحدة ،والعريجاء : موضع ، وبنو الأعرج : قبيلة وكذلك بنو عريج ، والعرج بفتح العين وإسكان الراء : قرية جامعة من عمل الفرع ، وقيل : هو موضع بين مكة والمدينة ، وقيل : هو على أربعة أميال من المدينة ينسب إليه العرجي الشاعر ، والعرجي : عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، والعرنجج : اسم حمير بن سبأ ، وفي الحديث : من عرج أو كسر أو حبس فليجز مثلها وهو حل ، أي : فليقض يعني الحج ، المعنى : من أحصره مرض أو عدو فعليه أن يبعث بهدي ويواعد الحامل يوما بعينه يذبحها فيه ، فإذا ذبحت تحلل فالضمير في مثلها للنسيكة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية