الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون .

                                                                                                                                                                                                                                      اختلف العلماء فيمن عني بهذا الخطاب على أربعة أقوال . أحدها: أنه عام في جميع الناس ، وهو قول ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه خطاب لليهود دون غيرهم ، قاله الحسن ومجاهد . والثالث: أنه خطاب للكفار من مشركي العرب وغيرهم ، قاله السدي . والرابع: أنه خطاب للمنافقين واليهود ، قاله مقاتل . و"الناس" اسم للحيوان الآدمي . وسموا بذلك لتحركهم في مراداتهم . والنوس: الحركة . وقيل: سموا أناسا لما يعتريهم من النسيان . [ ص: 48 ] وفي المراد بالعبادة هاهنا قولان . أحدهما: التوحيد ، . والثاني: الطاعة ، رويا عن ابن عباس . والخلق: والإيجاد . وإنما ذكر من قبلهم ، لأنه أبلغ في التذكير ، وأقطع للجحد ، وأحوط في الحجة . وقيل: إنما ذكر من قبلهم ، لينبههم على الاعتبار بأحوالهم من إثابة مطيع ، ومعاقبة عاص .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي "لعل" قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها بمعنى كي ، وأنشدوا في ذلك:


                                                                                                                                                                                                                                      وقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا نكف ووثقتم لنا كل موثق

                                                                                                                                                                                                                                          فلما كففنا الحرب كانت عهودكم
                                                                                                                                                                                                                                      كلمع سراب في الملا متألق



                                                                                                                                                                                                                                      يريد: لكي نكف ، وإلى هذا المعنى ذهب مقاتل وقطرب وابن كيسان .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنها بمعنى الترجي ، ومعناها: اعبدوا الله راجين للتقوى ، ولأن تقوا أنفسكم بالعبادة - عذاب ربكم . وهذا قول سيبويه . قال ابن عباس: لعلكم تتقون الشرك ، وقال الضحاك: لعلكم تتقون النار . وقال مجاهد: لعلكم تطيعون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية