الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عرص ]

                                                          عرص : العرص : خشبة توضع على البيت عرضا إذا أرادوا تسقيفه وتلقى عليها أطراف الخشب الصغار ، وقيل : هو الحائط يجعل بين حائطي البيت لا يبلغ به أقصاه ، ثم يوضع الجائز من طرف الحائط الداخل إلى أقصى البيت ، ويسقف البيت كله فما كان بين الحائطين فهو سهوة ، وما كان تحت الجائز فهو مخدع ، والسين لغة ، قال الأزهري : رواه الليث بالصاد ، ورواه أبو عبيد بالسين ، وهما لغتان ، وفي حديث عائشة : نصبت على باب حجرتي عباءة مقدمه من غزاة خيبر أو تبوك فهتك العرص حتى وقع بالأرض ، قال الهروي : المحدثون يروونه بالضاد المعجمة وهو بالصاد والسين ، وهو خشبة توضع على البيت عرضا كما تقدم ، يقال : عرصت البيت تعريصا ، والحديث جاء في سنن أبي داود بالضاد المعجمة ، وشرحه الخطابي في المعالم وفي غريب الحديث بالصاد المهملة ، وقال : قال الراوي العرض ، وهو غلط ، وقال الزمخشري : هو بالصاد المهملة ، وقال الأصمعي : كل جوبة منفتقة ليس فيها بناء فهي عرصة ، قال الأزهري : وتجمع عراصا وعرصات ، وعرصة الدار : وسطها ، وقيل : هو ما لا بناء فيه ، سميت بذلك لاعتراص الصبيان فيها ، والعرصة : كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء ، قال مالك بن الريب :


                                                          تحمل أصحابي عشاء وغادروا أخا ثقة في عرصة الدار ثاويا

                                                          وفي حديث قس : في عرصات جثجاث ، العرصات : جمع عرصة ، وقيل : هي كل موضع واسع لا بناء فيه ، والعراص من السحاب : ما اضطرب فيه البرق ، وأظل من فوق فقرب حتى صار كالسقف ، ولا يكون إلا ذا رعد وبرق ، وقال اللحياني : هو الذي لا يسكن برقه ، قال ذو الرمة يصف ظليما :


                                                          يرقد في ظل عراص ويطرده     حفيف نافجة عثنونها حصب

                                                          يرقد : يسرع في عدوه ، وعثنونها : أولها ، وحصب : يأتي بالحصباء ، وعرص البرق عرصا واعترص : اضطرب ، وبرق عرص وعراص : شديد الاضطراب والرعد والبرق ، أبو زيد : يقال : عرصت السماء تعرص عرصا ، أي : دام برقها ، ورمح عراص : لدن المهزة إذا هز اضطرب ، قال الشاعر :


                                                          من كل أسمر عراص مهزته     كأنه برجا عادية شطن

                                                          وقال الشاعر :


                                                          من كل عراص إذا هز عسل

                                                          وكذلك السيف ، قال أبو محمد الفقعسي :


                                                          من كل عراص إذا هز اهتزع     مثل قدامى النسر ما مس بضع

                                                          يقال : سيف عراص ، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر ، قال الشاعر في العرص والعرص :


                                                          يسيل الربى واهي الكلى عرص الذرى     أهلة نضاخ الندى سابغ القطر

                                                          والعرص والأرن : النشاط ، والترصع مثله ، وعرص الرجل يعرص عرصا ، واعترص : نشط ، وقال اللحياني : هو إذا قفز ونزا والمعنيان متقاربان ، وعرصت الهرة واعترصت : نشطت واستنت ، حكاه ثعلب ، وأنشد :


                                                          إذا اعترصت كاعتراص الهره     يوشك أن تسقط في أفره

                                                          الأفرة : البلية والشدة ، وبعير معرص : للذي ذل ظهره ولم يذل رأسه ، ويقال : تركت الصبيان يلعبون ويمرحون ويعترصون ، وعرص القوم عرصا : لعبوا وأقبلوا وأدبروا يحضرون ، ولحم معرص ، أي : ملقى في العرصة للجفوف ، قال المخبل :


                                                          سيكفيك صرب القوم لحم معرص     وماء قدور في القصاع مشيب

                                                          ويروى معرض بالضاد ، وهذا البيت أورده الأزهري في التهذيب للمخبل ، فقال : وأنشد أبو عبيدة بيت المخبل ، وقال ابن بري : هو السليك بن السلكة السعدي ، وقيل : لحم معرص ، أي : مقطع ، وقيل : هو الذي يلقى على الجمر فيختلط بالرماد ولا يجود نضجه ، [ ص: 99 ] قال : فإن غيبته في الجمر فهو مملول ، فإن شويته فوق الجمر فهو مفأد وفئيد ، فإن شوي على الحجارة المحماة فهو محنذ وحنيذ ، وقيل : هو الذي لم ينعم طبخه ولا إنضاجه ، قال ابن بري : يقال عرصت اللحم إذا لم تنضجه ، مطبوخا كان أو مشويا فهو معرص ، والمضهب : ما شوي على النار ولم ينضج .

                                                          والعروص : الناقة الطيبة الرائحة إذا عرقت ، وفي نوادر الأعراب : تعرص وتهجس وتعرج ، أي : أقم ، وعرص البيت عرصا : خبثت ريحه وأنتن ، ومنهم من خص فقال : خبثت ريحه من الندى ، ورعص جلده وارتعص واعترص إذا اختلج .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية