الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 368 ] فصل في المسند ، والصحيحين وغيرها عنه عليه السلام قال : { لا هامة ولا صفر } زاد مسلم وغيره { ولا نوء ولا غول } فالهامة مفرد الهام وكان أهل الجاهلية يقولون ليس أحد يموت فيدفن إلا خرج من قبره هامة وكانت العرب تزعم أن عظام الميت تصير هامة فتطير وكانوا يقولون إن القتيل يخرج من هامته أي من رأسه هامة فلا تزال تقول اسقوني اسقوني حتى يؤخذ بثأره ويقتل قاتله .

وقوله " لا صفر " قيل : كانوا يتشاءمون بدخول صفر فقال عليه السلام { لا صفر } وقيل : كانت العرب تزعم أن في البطن حية تصيب الإنسان إذا جامع وتؤذيه وإنما تعدي فأبطله الشارع .

وقال مالك كان أهل الجاهلية يحلون صفر عاما ويحرمونه عاما .

والنوء واحد الأنواء وهي ثمانية وعشرون منزلة وهي منازل القمر ومنه قوله تعالى { والقمر قدرناه منازل } . ويسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر ، ويطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع نظيرها يكون مطر فينسبونه إليها فيقولون مطرنا بنوء كذا ، وإنما سمي نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالغرب ناء الطالع بالشرق ينوء نوءا أي : نهض وطلع وقيل : أراد بالنوء الغروب وهو من الأضداد . فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى وأراد بقوله مطرنا بنوء كذا أي : في نوء كذا أي : إن الله أجرى العادة بالمطر في هذا الوقت فلنا خلاف في تحريمه وكراهته .

والغول أحد الغيلان وهي جنس من الجن ، والشياطين . كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة يتراءى للناس فيتغول تغولا أي : يتلون تلونا في صور شتى ويغولهم أي : يضلهم عن الطريق ويهلكهم ، فنفاه الشارع وأبطله قيل هذا وقيل ليس نفيا لعين الغول ووجوده وإنما فيه إبطال زعم العرب وتلونه بالصور المختلفة واغتياله فيكون معنى " لا غول " لأنها لا تستطيع أن تضل أحدا ويشهد له الحديث الأخير { لا غول ولكن السعالي } . وهو في مسلم وغيره ، والسعالي سحرة الجن لكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل [ ص: 369 ] ومنه الحديث { إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان } أي : ادفعوا شرها بذكر الله ومنه حديث أبي أيوب وأبي هريرة فجاءت الغول فكانت تأخذ التمر وهو مشهور .

وروى الخلال عن طاوس أن رجلا صحبه فصاح غراب فقال خير خير ، فقال له طاوس وأي خير عند هذا وأي شر ؟ لا تصحبني .

التالي السابق


الخدمات العلمية