الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عزم ]

                                                          عزم : العزم : الجد . عزم على الأمر يعزم عزما ومعزما ومعزما وعزما وعزيما وعزيمة وعزمة واعتزمه واعتزم عليه : أراد فعله . وقال الليث : العزم ما عقد عليه قلبك من أمر أنك فاعله ، وقول الكميت :

                                                          يرمي بها فيصيب النبل حاجته طورا ويخطئ أحيانا فيعتزم قال : يعود في الرمي فيعتزم على الصواب فيحتشد فيه ، وإن شئت قلت يعتزم على الخطإ فيلج فيه إن كان هجاه . وتعزم : كعزم ، قال أبو صخر الهذلي :


                                                          فأعرضن لما شبت عني تعزما وهل لي ذنب في الليالي الذواهب

                                                          قال ابن بري : ويقال عزمت على الأمر وعزمته ، قال الأسود بن عمارة النوفلي :

                                                          خليلي من سعدى ألما فسلما     على مريم لا يبعد الله مريما
                                                          وقولا لها هذا الفراق عزمته     فهل موعد قبل الفراق فيعلما

                                                          وفي الحديث : قال لأبي بكر : متى توتر ؟ فقال : أول الليل ، وقال لعمر : متى توتر ؟ قال : من آخر الليل فقال لأبي بكر : أخذت بالحزم ، وقال لعمر : أخذت بالعزم ، أراد أن أبا بكر حذر فوات الوتر بالنوم فاحتاط وقدمه ، وأن عمر وثق بالقوة على قيام الليل فأخره ، ولا خير في عزم بغير حزم ، فإن القوة إذا لم يكن معها حذر أورطت صاحبها . وعزم الأمر : عزم عليه . وفي التنزيل : فإذا عزم الأمر وقد يكون أراد عزم أرباب الأمر . قال الأزهري : هو فاعل معناه المفعول ، وإنما يعزم الأمر ولا يعزم ، والعزم للإنسان لا للأمر ، وهذا كقولهم هلك الرجل ، وإنما أهلك . وقال الزجاج في قوله : فإذا عزم الأمر : فإذا جد الأمر ولزم فرض القتال ، قال : هذا معناه ، والعرب تقول : عزمت الأمر وعزمت عليه ، قال الله تعالى : وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم . وتقول : ما لفلان عزيمة أي لا يثبت على أمر يعزم عليه . وفي الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : خير الأمور عوازمها أي فرائضها التي عزم الله عليك بفعلها ، والمعنى ذوات عزمها التي فيها عزم ، وقيل : معناه خير الأمور ما وكدت رأيك وعزمك ونيتك عليه ووفيت بعهد الله فيه . وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ، قال أبو منصور : عزائمه فرائضه التي أوجبها الله وأمرنا بها . والعزمي من الرجال : الموفي بالعهد . وفي حديث الزكاة : عزمة من عزمات الله أي حق من حقوق الله وواجب من واجباته . قال ابن شميل في قوله تعالى : كونوا قردة هذا أمر عزم ، وفي قوله تعالى : كونوا ربانيين هذا فرض وحكم . وفي حديث أم سلمة : فعزم الله لي أي خلق لي قوة وصبرا . وعزم عليه ليفعلن : أقسم . وعزمت عليك ، أي أمرتك أمرا جدا ، وهي العزمة . وفي حديث عمر : اشتدت العزائم . يريد عزمات الأمراء على الناس في الغزو إلى الأقطار البعيدة وأخذهم بها . والعزائم : الرقى . وعزم الراقي : كأنه أقسم على الداء . وعزم الحواء إذا استخرج الحية كأنه يقسم عليها . وعزائم السجود : ما عزم على قارئ آيات السجود أن [ ص: 140 ] يسجد لله فيها . وفي حديث سجود القرآن : ليست سجدة صاد من عزائم السجود . وعزائم القرآن : الآيات التي تقرأ على ذوي الآفات لما يرجى من البرء بها . والعزيمة من الرقى : التي يعزم بها على الجن والأرواح . وأولو العزم من الرسل : الذين عزموا على أمر الله فيما عهد إليهم ، وجاء في التفسير : أن أولي العزم نوح وإبراهيم وموسى - عليهم السلام - ومحمد - صلى الله عليه وسلم - من أولي العزم أيضا . وفي التنزيل : فاصبر كما صبر أولو العزم . وفي الحديث : ليعزم المسألة أي يجد فيها ويقطعها . والعزم : الصبر . وقوله تعالى في قصة آدم : فنسي ولم نجد له عزما قيل : العزم والعزيمة هنا الصبر أي لم نجد له صبرا ، وقيل : لم نجد له صريمة ولا حزما فيما فعل ، والصريمة والعزيمة واحدة ، وهي الحاجة التي قد عزمت على فعلها . يقال : طوى فلان فؤاده على عزيمة أمر ، إذا أسرها في فؤاده ، والعرب تقول : ما له معزم ولا معزم ولا عزيمة ولا عزم ولا عزمان ، وقيل في قوله : ولم نجد له عزما أي رأيا معزوما عليه ، والعزيم والعزيمة واحد . يقال : إن رأيه لذو عزيم . والعزم : الصبر في لغة هذيل ، يقولون : ما لي عنك عزم ، أي صبر . وفي حديث سعد : فلما أصابنا البلاء اعتزمنا لذلك أي احتملناه وصبرنا عليه ، وهو افتعلنا من العزم . والعزيم : العدو الشديد ، قال ربيعة بن مقروم الضبي :


                                                          لولا أكفكفه لكاد إذا جرى     منه العزيم يدق فأس المسحل

                                                          والاعتزام : لزوم القصد في الحضر والمشي وغيرهما ، قال رؤبة :


                                                          إذا اعتزمن الرهو في انتهاض



                                                          والفرس إذا وصف بالاعتزام فمعناه تجليحه في حضره غير مجيب لراكبه إذا كبحه ، ومنه قول رؤبة :


                                                          معتزم التجليح ملاخ الملق



                                                          واعتزم الفرس في الجري : مر فيه جامحا . واعتزم الرجل الطريق يعتزمه : مضى فيه ولم ينثن ، قال حميد الأرقط :


                                                          معتزما للطرق النواشط     والنظر الباسط بعد الباسط



                                                          وأم العزم وأم عزمة وعزمة : الاست . وقال الأشعث لعمرو بن معد يكرب : أما والله لئن دنوت لأضرطنك ! قال : كلا ، والله إنها لعزوم مفزعة . أراد بالعزوم استه ، أي صبور مجدة صحيحة العقد ، يريد أنها ذات عزم وصرامة وحزم وقوة ، وليست بواهية فتضرط ، وإنما أراد نفسه ، وقوله مفزعة بها تنزل الأفزاع فتجليها . ويقال : كذبته أم عزمة . والعزوم والعوزم والعوزمة : الناقة المسنة وفيها بقية شباب . ، أنشد ابن الأعرابي للمرار الأسدي :


                                                          فأما كل عوزمة وبكر     فمما يستعين به السبيل

                                                          وقيل : ناقة عوزم : أكلت أسنانها من الكبر ، وقيل : هي الهرمة الدلقم . وفي حديث أنجشة : قال له رويدك سوقا بالعوازم . العوازم : جمع عوزم وهي الناقة المسنة وفيها بقية ، كنى بها عن النساء كما كنى عنهن بالقوارير ، ويجوز أن يكون أراد النوق نفسها لضعفها . والعوزم : العجوز ، وأنشد الفراء :


                                                          لقد غدوت خلق الأثواب     أحمل عدلين من التراب لعوزم وصبية سغاب
                                                          فآكل ولاحس وآبي

                                                          والعزم : العجائز ، واحدتهن عزوم . والعزمي : بياع الثجير . والعزم : ثجير الزبيب ، واحدها عزم . وعزمة الرجل : أسرته وقبيلته ، وجماعتها العزم . والعزمة : المصححون للمودة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية