الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عسف ]

                                                          عسف : العسف : السير بغير هداية ، والأخذ على غير الطريق ، وكذلك التعسف والاعتساف . والعسف : ركوب المفازة وقطعها بغير قصد ولا هداية ولا توخي صوب ولا طريق مسلوك . يقال : اعتسف الطريق اعتسافا إذا قطعه دون صوب توخاه فأصابه . والتعسيف : السير على غير علم ولا أثر . وعسف المفازة : قطعها كذلك ، ومنه قيل : رجل عسوف ، إذا لم يقصد قصد الحق ، وقول كثير :


                                                          عسوف بأجواز الفلا حميرية

                                                          العسوف : التي تمر على غير هداية فتركب رأسها في السير ولا يثنيها شيء . والعسف : ركوب الأمر بلا تدبير ولا روية ، عسفه يعسفه عسفا وتعسفه واعتسفه ، قال ذو الرمة :


                                                          قد أعسف النازح المجهول معسفه     في ظل أغضف يدعو هامه البوم

                                                          ويروى : في ظل أخضر ، وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          وعسفت معاطنا لم تدثر مدح إبلا

                                                          فقال : إذا ثبتت ثفناتها في الأرض بقيت آثارها فيها ظاهرة لم تدثر ، قال : وقيل : ترد الظمء الثاني ، وأثر ثفناتها الأول في الأرض ومعاطنها لم تدثر ، وقال ذو الرمة :


                                                          وردت اعتسافا والثريا كأنها     على هامة الرأس ابن ماء محلق

                                                          وقال أيضا :


                                                          يعتسفان الليل ذا الحيود     أما بكل كوكب حريد

                                                          ، وعسف فلان فلانا عسفا : ظلمه . وعسف السلطان يعسف واعتسف وتعسف : ظلم ، وهو من ذلك . وفي الحديث : لا تبلغ شفاعتي إماما عسوفا ، أي جائرا ظلوما . والعسف في الأصل : أن يأخذ المسافر على غير طريق ولا جادة ولا علم فنقل إلى الظلم والجور . وتعسف فلان [ ص: 149 ] فلانا ، إذا ركبه بالظلم ولم ينصفه . ورجل عسوف إذا كان ظلوما . والعسيف : الأجير المستهان به .

                                                          وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن ابني كان عسيفا على رجل كان معه ، وإنه زنى بامرأته أي : كان أجيرا . والعسفاء : الأجراء ، وقيل : العسيف المملوك المستهان به ، قال نبيه بن جرير :


                                                          أطعت النفس في الشهوات حتى     أعادتني عسيفا عبد عبد

                                                          ويروى : أطعت العرس ، وهو فعيل بمعنى مفعول كأسير ، أو بمعنى فاعل كعليم ، من العسف : الجور والكفاية ، يقال : هو يعسفهم ، أي يكفيهم ، وكم أعسف عليك ، أي كم أعمل لك ، وقيل : كل خادم عسيف ، وفي الحديث : لا تقتلوا عسيفا ولا أسيفا والأسيف : العبد ، وقيل : الشيخ الفاني ، وقيل : هو الذي تشتريه بماله ، والجمع عسفاء على القياس ، وعسفة على غير القياس . وفي الحديث : أنه بعث سرية فنهى عن قتل العسفاء والوصفاء ويروى الأسفاء . واعتسفه : اتخذه عسيفا . وعسف البعير يعسف عسفا وعسوفا : أشرف على الموت من الغدة ، فهو عاسف ، وقيل : العسف أن يتنفس حتى تقمص حنجرته ، أي تنتفخ ، وأما قول أبي وجزة السعدي :


                                                          واستيقنت أن الصليف منعسف

                                                          فهو من عسف الحنجرة إذا قمصت للموت . وأعسف الرجل إذا أخذ بعيره العسف ، وهو نفس الموت ، وناقة عاسف - بغير هاء - : أصابها ذلك . والعساف للإبل : كالنزاع للإنسان . قال الأصمعي : قلت لرجل من أهل البادية : ما العساف ؟ قال : حين تقمص حنجرته ، أي ترجف من النفس ، قال عامر بن الطفيل في قرزل يوم الرقم :


                                                          ونعم أخو الصعلوك أمس تركته     بتضرع يمري باليدين ويعسف

                                                          ، وأعسف الرجل ، إذا أخذ غلامه بعمل شديد ، وأعسف إذا سار بالليل خبط عشواء . والعسف : القدح الضخم . والعسوف : الأقداح الكبار . وعسفان : موضع ، وقد ذكر في الحديث ، قال ابن الأثير : هي قرية جامعة بين مكة والمدينة ، وقيل : هي منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة ، قال الشاعر :


                                                          يا خليلي اربعا واس     تخبرا رسما بعسفان

                                                          ، والعساف : اسم رجل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية