الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6283 ) مسألة قال : ( واللعان الذي يبرأ به من الحد أن يقول الزوج بمحضر من الحاكم : أشهد بالله لقد زنت . ويشير إليها . وإن لم تكن حاضرة سماها ، ونسبها ، حتى يكمل ذلك أربع مرات ، ثم يوقف عند الخامسة ، ويقال له : اتق الله ، فإنها الموجبة ، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة . فإن أبى إلا أن يتم ، فليقل : ولعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا ، وتقول هي : أشهد بالله لقد كذب . أربع مرات ، ثم توقف عند الخامسة ، وتخوف كما خوف الرجل ، فإن أبت إلا أن تتم ، فلتقل : وغضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا )

                                                                                                                                            في هذه المسألة مسألتان : ( 6284 ) المسألة الأولى : أن اللعان لا يصح إلا بمحضر من الحاكم ، أو من يقوم مقامه . وهذا مذهب الشافعي ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هلال بن أمية أن يستدعي زوجته إليه ، ولاعن بينهما . ولأنه إما يمين ، وإما شهادة ، وأيهما كان ، فمن شرطه الحاكم .

                                                                                                                                            وإن تراضى الزوجان بغير الحاكم يلاعن بينهما ، لم يصح ذلك ; لأن اللعان مبني على التغليظ والتأكيد ، فلم يجز بغير الحاكم ، كالحد . وسواء كان الزوجان حرين أو مملوكين ، في ظاهر [ ص: 68 ] كلام الخرقي . وقال أصحاب الشافعي : للسيد أن يلاعن بين عبده وأمته ; لأن له إقامة الحد عليهما . ولنا أنه لعان بين زوجين ، فلم يجز لغير الحاكم أو نائبه ، كاللعان بين الحرين . ولا نسلم أن السيد يملك إقامة الحد على أمته المزوجة ، ثم لا يشبه اللعان الحد ; لأن الحد زجر وتأديب ، واللعان إما شهادة وإما يمين ، فافترقا ، ولأن اللعان دارئ للحد ، وموجب له ، فجرى مجرى إقامة البينة على الزنا والحكم به أو بنفيه وإن كانت المرأة خفرة لا تبرز لحوائجها ، بعث الحاكم نائبه ، وبعث معه عدولا ، ليلاعنوا بينهما ، وإن بعث نائبه وحده جاز ; لأن الجمع غير واجب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية