الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 76 ] مسألة قال : ( وكذلك إن أقرت دون الأربع مرات ) وجملته أن الرجل إذا قذف امرأته ، فصدقته ، وأقرت بالزنا مرة ، أو مرتين ، أو ثلاثا ، لم يجب عليها الحد ; لأنه لا يثبت إلا بإقرار أربع مرات ، على ما يذكر في الحدود ، ثم إن كان تصديقها له قبل لعانه ، فلا لعان بينهما ; لأن اللعان كالبينة ، إنما يقام مع الإنكار ، وإن كان بعد لعانه ، لم تلاعن هي ; لأنها لا تحلف مع الإقرار ، وحكمها حكم ما لو امتنعت من غير إقرار . وبهذا قال أبو حنيفة . وقال الشافعي : إن صدقته قبل لعانه ، فعليها الحد ، وليس له أن يلاعن ، إلا أن يكون ثم نسب ينفيه ، فيلاعن وحده ، وينتفي النسب بمجرد لعانه ، وإن كان بعد لعانه ، فقد انتفى النسب ، ولزمها الحد ; بناء على أن النسب ينتفي بمجرد لعانه ، وتقع الفرقة ، ويجب الحد ، فإن الحد يجب بإقرار مرة . وهذه الأصول قد مضى أكثرها .

                                                                                                                                            ولو أقرت أربعا ، وجب الحد ، ولا لعان بينهما إذا لم يكن ثم نسب ينفى . وإن رجعت سقط الحد عنها ، بغير خلاف علمناه . وبه يقول الشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . فإن الرجوع عن الإقرار بالحد مقبول ، وليس له أن يلاعن للحد ، فإنه لم يجب عليه لتصديقها إياه . وإن أراد لعانها لنفي نسب ، فظاهر قول الخرقي ، أنه ليس له ذلك في جميع هذه الصور . وهو قول أصحاب الرأي . وقال الشافعي : له لعانها لنفي النسب فيها كلها ; لأنها لو كانت عفيفة صالحة فكذبته ، ملك نفي ولدها ، فإذا كانت فاجرة فصدقته ، فلأن يملك نفي ولدها أولى ، ووجه الأول ، أن نفي الولد إنما يكون بلعانهما معا ، وقد تعذر اللعان منهما ; ولأنها لا تستحلف على نفي ما تقربه ، فتعذر نفي الولد لتعذر سببه ، كما لو مات بعد القذف وقبل اللعان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية