الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 88 ] مسألة قال : وإذا طلقها طلاقا يملك فيه الرجعة ، وهي أمة ، فلم تنقض عدتها حتى أعتقت ، بنت على عدة حرة . وإن طلقها طلاقا لا يملك فيه الرجعة ، فأعتقت ، اعتدت عدة أمة هذا قول الحسن والشعبي والضحاك وإسحاق وأصحاب الرأي . وهو أحد أقوال . الشافعي والقول الثاني ، تكمل عدة أمة ، سواء كانت بائنا أو رجعية . وهو قول مالك وأبي ثور ; لأن الحرية طرأت بعد وجوب العدة عليها ، فلا يعتبر حكمها ، كما لو كانت بائنا . أو كما لو طرأت بعد وجوب الاستبراء ، ولأنه معنى يختلف بالرق والحرية ، فكان الاعتبار بحالة الوجوب ، كالحد .

                                                                                                                                            وقال عطاء والزهري وقتادة تبني على عدة حرة بكل حال . وهو القول الثالث للشافعي ; لأن سبب العدة الكاملة إذا وجد في أثناء العدة ، انتقلت إليها وإن كانت بائنا ، كما لو اعتدت بالشهور ثم رأت الدم . ولنا أنها إذا أعتقت وهي رجعية ، فقد وجدت الحرية ، وهي زوجة تعتد عدة الوفاة لو مات ، فوجب أن تعتد عدة الحرائر ، كما لو أعتقت قبل الطلاق . وإن أعتقت وهي بائن ، فلم توجد الحرية في الزوجية ، فلم تجب عليها عدة الحرائر ، كما لو أعتقت بعد مضي القرأين . ولأن الرجعية تنتقل إلى عدة الوفاة لو مات ، فتنتقل إلى عدة الحرائر ، والبائن لا تنتقل إلى عدة الوفاة ، فلا تنتقل إلى عدة الحرائر ، كما لو انقضت عدتها .

                                                                                                                                            وما ذكرناه لمالك يبطل بما إذا مات زوج الرجعية ، فإنها تنتقل إلى عدة الوفاة ، والفرق بين ما نحن فيه وبين ما إذا حاضت الصغيرة ، أن الشهور بدل عن الحيض ، فإذا وجد المبدل ، زال حكم البدل ، كالمتيمم يجد الماء ، وليس كذلك هاهنا ، فإن عدة الأمة ليست ببدل ، ولذلك تبني الأمة على ما مضى من عدتها اتفاقا ، وإذا حاضت الصغيرة استأنفت العدة فافترقا ، وتخالف الاستبراء ; فإن الحرية لو قارنت سبب وجوبه ، لم تكمل ، ألا ترى أن أم الولد إذا مات سيدها عتقت لموته ، ووجب الاستبراء ، كما يجب على التي لم تعتق ، ولأن الاستبراء لا يختلف بالرق والحرية ، بخلاف مسألتنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية