الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        191 الحديث السابع : عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من مات وعليه صيام صام عنه وليه } وأخرجه أبو داود وقال " هذا في النذر ، وهو قول أحمد بن حنبل " .

                                        التالي السابق


                                        ليس هذا الحديث مما اتفق الشيخان على إخراجه ، وهو دليل بعمومه على أن الولي يصوم عن الميت ، وأن النيابة تدخل في الصوم ، وذهب إليه قوم وهو قول قديم للشافعي . والجديد الذي عليه الأكثرون : عدم دخول النيابة فيه ; لأنها عبادة بدنية . والحديث لا يقتضي التخصيص بالنذر ، كما ذكر أبو داود عن أحمد بن حنبل . نعم قد ورد في بعض الروايات : ما يقتضي الإذن في الصوم عن من مات وعليه نذر بصوم . وليس ذلك بمقتض للتخصيص بصورة النذر . وقد تكلم الفقهاء في المعتبر في الولاية ، على ما ورد في لفظ الخبر ، أهو مطلق القرابة ، أو بشرط العصوبة ، أو الإرث ؟ وتوقف في ذلك إمام الحرمين . وقال : لا نقل عندي [ ص: 408 ] في ذلك . وقال غيره من الفقهاء المتأخرين : وأنت إذا فحصت عن نظائره ، وجدت الأشبه : اعتبار الإرث .

                                        وقوله " صام عنه وليه " قيل : ليس المراد أنه يلزمه ذلك . وإنما يجوز ذلك له إن أراد . هكذا ذكره صاحب التهذيب من مصنفي الشافعية . وحكاه إمام الحرمين عن أبيه الشيخ أبي محمد . وفي هذا بحث . وهو أن الصيغة صيغة خبر ، أعني " صام " ويمتنع الحمل على ظاهره . فينصرف إلى الأمر . ويبقى النظر في أن الوجوب متوقف على صيغة الأمر المعينة . وفي " افعل " مثلا ، أو يعمها مع ما يقوم مقامها .

                                        وقد يؤخذ من الحديث : أنه لا يصوم عنه الأجنبي ، إما لأجل التخصيص ، مع مناسبة الولاية لذلك ، وإما ; لأن الأصل : عدم جواز النيابة في الصوم ; لأنه عبادة لا يدخلها النيابة في الحياة . فلا تدخلها بعد الموت كالصلاة . وإذا كان الأصل عدم جواز النيابة : وجب أن يقتصر فيها على ما ورد في الحديث . ويجري في الباقي على القياس .



                                        وقد قال أصحاب الشافعي : لو أمر الولي أجنبيا أن يصوم عنه بأجرة أو بغير أجرة جاز ، كما في الحج . فلو استقل به الأجنبي ، ففي إجزائه وجهان . أظهرهما : المنع . وأما إلحاق غير الصوم بالصوم : فإنما يكون بالقياس . وليس أخذ الحكم عنه من نص الحديث .




                                        الخدمات العلمية