الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عطف ]

                                                          عطف : عطف يعطف عطفا : انصرف . ورجل عطوف وعطاف : يحمي المنهزمين . وعطف عليه يعطف عطفا : رجع عليه بما يكره أو له بما يريد . وتعطف عليه : وصله وبره . وتعطف على رحمه : رق لها . والعاطفة : الرحم ، صفة غالبة . ورجل عاطف وعطوف : عائد بفضله حسن الخلق . قال الليث : العطاف الرجل الحسن الخلق العطوف على الناس بفضله ; وقول مزاحم العقيلي أنشده ابن الأعرابي :


                                                          وجدي به وجد المضل قلوصه بنخلة لم تعطف عليه العواطف

                                                          ، لم يفسر العواطف ، وعندي أنه يريد الأقدار العواطف على الإنسان بما يحب . وعطفت عليه : أشفقت . يقال : ما يثنيني عليك عاطفة من رحم ولا قرابة . وتعطف عليه : أشفق . وتعاطفوا أي عطف بعضهم على بعض . واستعطفه فعطف . وعطف الشيء يعطفه عطفا وعطوفا فانعطف وعطفه فتعطف : حناه وأماله ، شدد للكثرة . ويقال : عطفت رأس الخشبة فانعطف أي : حنيته فانحنى . وعطفت أي : ملت . والعطائف : القسي ، واحدتها عطيفة كما سموها حنية . وجمعها حني . وقوس عطوف ومعطفة : معطوفة إحدى السيتين على الأخرى . والعطيفة والعطافة : القوس ; قال ذو الرمة في العطائف :


                                                          وأشقر بلى وشيه خفقانه     على البيض في أغمادها والعطائف

                                                          ، يعني بردا يظلل به ، والبيض : السيوف ، وقد عطفها يعطفها . وقوس عطفى : معطوفة ; قال أسامة الهذلي :


                                                          فمد ذراعيه وأجنأ صلبه

                                                          وفرجها عطفى مرير ملاكد ، وكل ذلك لتعطفها وانحنائها ، وقسي معطفة ولقاح معطفة ، وربما عطفوا عدة ذود على فصيل واحد فاحتلبوا ألبانهن على ذلك ليدررن . قال الجوهري : والقوس المعطوفة هي هذه العربية . ومنعطف الوادي : منعرجه ومنحناه ; وقول ساعدة بن جؤية :


                                                          من كل معنقة وكل عطافة     منها يصدقها ثواب يزعب

                                                          ، يعني بعطافة هنا : منحنى ، يصف صخرة طويلة فيها نحل . وشاة [ ص: 193 ] عاطفة بينة العطوف والعطف : تثني عنقها لغير علة . وفي حديث الزكاة : ليس فيها عطفاء أي : ملتوية القرن وهي نحو العقصاء . وظبية عاطف : تعطف عنقها إذا ربضت ، وكذلك الحاقف من الظباء . وتعاطف في مشيه : تثنى . يقال : فلان يتعاطف في مشيته بمنزلة يتهادى ويتمايل من الخيلاء والتبختر . والعطف : انثناء الأشفار ; عن كراع ، والغين المعجمة أعلى . وفي حديث أم معبد : وفي أشفاره عطف أي : طول كأنه طال وانعطف ، وروي الحديث أيضا بالغين المعجمة . وعطف الناقة على الحوار والبو : ظأرها . وناقة عطوف : عاطفة ، والجمع عطف . قال الأزهري : ناقة عطوف إذا عطفت على بو فرئمته . والعطوف : المحبة لزوجها . وامرأة عطيف : هينة لينة ذلول مطواع لا كبر لها ، وإذا قلت امرأة عطوف ، فهي الحانية على ولدها ، وكذلك رجل عطوف . ويقال : عطف فلان إلى ناحية كذا يعطف عطفا إذا مال إليه وانعطف نحوه . وعطف رأس بعيره إليه إذا عاجه عطفا . وعطف الله تعالى بقلب السلطان على رعيته إذا جعله عاطفا رحيما . وعطف الرجل وساده إذا ثناه ليرتفق عليه ويتكئ ; قال لبيد :


                                                          ومجود من صبابات الكرى     عاطف النمرق صدق المبتذل

                                                          والعطوف والعاطوف وبعض يقول العأطوف : مصيدة فيها خشبة معطوفة الرأس ، سميت بذلك لانعطاف خشبتها . والعطفة : خرزة يعطف بها النساء الرجال ، وأرى اللحياني حكى العطفة ، بالكسر . والعطف : المنكب . قال الأزهري : منكب الرجل عطفه ، وإبطه عطفه . والعطوف : الآباط . وعطفا الرجل والدابة : جانباه عن يمين وشمال وشقاه من لدن رأسه إلى وركه ، والجمع أعطاف وعطاف وعطوف . وعطفا كل شيء : جانباه . وعطف عليه أي كر ; وأنشد الجوهري لأبي وجزة :


                                                          العاطفون تحين ما من عاطف     والمطعمون زمان أين المطعم

                                                          قال ابن بري : ترتيب إنشاد هذا الشعر :


                                                          العاطفون تحين ما من عاطف     والمنعمون يدا إذا ما أنعموا
                                                          واللاحقون جفانهم قمع الذرى     والمطعمون زمان ، أين المطعم

                                                          وثنى عطفه : أعرض . ومر ثاني عطفه أي رخي البال . وفي التنزيل : ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله قال الأزهري : جاء في التفسير أن معناه لاويا عنقه ، وهذا يوصف به المتكبر ، فالمعنى ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ثانيا عطفه أي متكبرا ، ونصب ( ثاني عطفه ) على الحال ، ومعناه التنوين كقوله تعالى : هديا بالغ الكعبة أي : بالغا الكعبة ; وقال أبو سهم الهذلي يصف حمارا :


                                                          يعالج بالعطفين شأوا كأنه     حريق أشيعته الأباءة حاصد

                                                          أراد أشيع في الأباءة فحذف الحرف وقلب . وحاصد أي يحصد الأباءة بإحراقه إياها . ومر ينظر في عطفيه إذا مر معجبا . والعطاف : الإزار . والعطاف : الرداء ، والجمع عطف وأعطفة ، وكذلك المعطف وهو مثل مئزر وإزار وملحف ولحاف ومسرد وسراد ، وكذلك معطف وعطاف ، وقيل : المعاطف الأردية لا واحد لها ، واعتطف بها وتعطف : ارتدى . وسمي الرداء عطافا لوقوعه على عطفي الرجل ، وهما ناحيتا عنقه . وفي الحديث : سبحان من تعطف بالعز وقال به ، ومعناه سبحان من تردى بالعز . والتعطف في حق الله مجاز يراد به الاتصاف ؛ كأن العز شمله شمول الرداء ; هذا قول ابن الأثير ، ولا يعجبني قوله كأن العز شمله شمول الرداء ، والله تعالى يشمل كل شيء ; وقال الأزهري : المراد به عز الله وجماله وجلاله ، والعرب تضع الرداء موضع البهجة والحسن وتضعه موضع النعمة والبهاء . والعطوف : الأردية . وفي حديث الاستسقاء : حول رداءه وجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر ; قال ابن الأثير : إنما أضاف العطاف إلى الرداء ; لأنه أراد أحد شقي العطاف ، فالهاء ضمير الرداء ، ويجوز أن يكون للرجل ، ويريد بالعطاف جانب ردائه الأيمن ; ومنه حديث ابن عمر ، رضي الله عنهما : خرج متلفعا بعطاف . وفي حديث عائشة : فناولتها عطافا كان علي فرأت فيه تصليبا فقالت : نحيه عني . والعطاف : السيف لأن العرب تسميه رداء ; قال :


                                                          ولا مال لي إلا عطاف ومدرع     لكم طرف منه حديد ولي طرف

                                                          الطرف الأول : حده الذي يضرب به ، والطرف الثاني : مقبضه ; وقال آخر :


                                                          لا مال إلا العطاف تؤزره     أم ثلاثين وابنة الجبل
                                                          لا يرتقي النز في ذلاذله     ولا يعدي نعليه من بلل
                                                          عصرته نطفة تضمنها     لصب تلقى مواقع السبل
                                                          أو وجبة من جناة أشكلة     إن لم يرعها بالماء لم تنل

                                                          قال ثعلب : هذا وصف صعلوكا فقال : لا مال له إلا العطاف ، وهو السيف ، وأم ثلاثين : كنانة فيها ثلاثون سهما ، وابنة الجبل : قوس نبعة في جبل وهو أصلب لعودها ولا يناله نز لأنه يأوي الجبال ، والعصرة : الملجأ ، والنطفة : الماء ، واللصب : شق الجبل ، والوجبة : الأكلة في اليوم ، والأشكلة : شجرة . واعتطف الرداء والسيف والقوس ; الأخيرة عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          ومن يعتطفه على مئزر     فنعم الرداء على المئزر

                                                          وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          لبست عليك عطاف الحياء     وجللك المجد ثني العلاء

                                                          إنما عنى به رداء الحياء أو حلته استعارة . ابن شميل : العطاف ترديك بالثوب على منكبيك كالذي يفعل الناس في الحر ، وقد تعطف بردائه . والعطاف : الرداء والطيلسان ; وكل ثوب تعطفه أي تردى به ، فهو عطاف . والعطف : عطف أطراف الذيل من الظهارة على البطانة . والعطاف : في صفة قداح الميسر ، ويقال العطوف ، وهو [ ص: 194 ] الذي يعطف على القداح فيخرج فائزا ; قال الهذلي :


                                                          فخضخضت صفنى في جمه     خياض المدابر قدحا عطوفا

                                                          وقال القتيبي في كتاب الميسر : العطوف القدح الذي لا غرم فيه ولا غنم له ، وهو واحد الأغفال الثلاثة في قداح الميسر ، سمي عطوفا لأنه في كل ربابة يضرب بها ، قال : وقوله قدحا واحد في معنى جميع ; ومنه قوله :


                                                          حتى تخضخض بالصفن السبيخ كما     خاض القداح قمير طامع خصل

                                                          السبيخ : ما نسل من ريش الطير التي ترد الماء ، والقمير : المقمور ، والطامع : الذي يطمع أن يعود إليه ما قمر . ويقال : إنه ليس يكون أحد أطمع من مقمور ، وخصل : كثر خصال قمره ; وأما قول ابن مقبل :


                                                          وأصفر عطاف إذا راح ربه     غدا ابنا عيان بالشواء المضهب

                                                          فإنه أراد بالعطاف قدحا يعطف عن مآخذ القداح وينفرد ، وروي عن المؤرج أنه قال في حلبة الخيل إذا سوبق بينها ، وفي أساميها : هو السابق والمصلي والمسلي والمجلي والتالي والعاطف والحظي والمؤمل واللطيم والسكيت . قال أبو عبيد : لا يعرف منها إلا السابق والمصلي ثم الثالث والرابع إلى العاشر ، وآخرها السكيت والفسكل ; قال الأزهري : ولم أجد الرواية ثابتة عن المؤرج من جهة من يوثق به ، قال : فإن صحت الرواية عنه فهو ثقة . والعطفة : شجرة يقال لها العصبة وقد ذكرت ; قال الشاعر :


                                                          تلبس حبها بدمي ولحمي     تلبس عطفة بفروع ضال

                                                          وقال مرة : العطف - بفتح العين والطاء - نبت يتلوى على الشجر لا ورق له ولا أفنان ، ترعاه البقر خاصة ، وهو مضر بها ، ويزعمون أن بعض عروقه يؤخذ ويلوى ويرقى ويطرح على المرأة الفارك فتحب زوجها . قال ابن بري : العطفة اللبلاب ، سمي بذلك لتلويه على الشجر . قال الأزهري : العطفة ، والعطفة هي التي تعلق الحبلة بها من الشجر ، وأنشد البيت المذكور وقال : قال النضر : إنما هي عطفة فخففها ليستقيم له الشعر . أبو عمرو : من غريب شجر البر العطف ، واحدتها عطفة . ابن الأعرابي : يقال تنح عن عطف الطريق وعطفه وعلبه ودعسه وقريه وقارعته . وعطاف وعطيف : اسمان ، والأعرف غطيف - بالغين المعجمة - عن ابن سيده .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية