الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عظي ]

                                                          عظي : قال ابن سيده : العظاية على خلقة سام أبرص أعيظم منها شيئا ، والعظاءة لغة فيها كما يقال امرأة سقاية وسقاءة ، والجمع عظايا وعظاء . وفي حديث عبد الرحمن بن عوف : كفعل الهر يفترس العظايا ; قال ابن الأثير : هي جمع عظاية دويبة معروفة قال : وقيل أراد بها سام أبرص ، قال سيبويه : إنما همزت عظاءة وإن لم يكن حرف العلة فيها طرفا لأنهم جاءوا بالواحد على قولهم في الجمع عظاء . قال ابن جني : وأما قولهم عظاءة وعباءة وصلاءة فقد كان ينبغي ، لما لحقت الهاء آخرا وجرى الإعراب عليها وقويت الياء ببعدها عن الطرف ، أن لا تهمز ، وأن لا يقال إلا عظاية وعباية وصلاية فيقتصر على التصحيح دون الإعلال ، وأن لا يجوز فيه الأمران ، كما اقتصر في نهاية وغباوة وشقاوة وسعاية ورماية على التصحيح دون الإعلال ، إلا أن الخليل - رحمه الله - قد علل ذلك فقال : إنهم إنما بنوا الواحد على الجمع ، فلما كانوا يقولون عظاء وعباء وصلاء ، فيلزمهم إعلال الياء لوقوعها طرفا ، أدخلوا الهاء وقد انقلبت اللام همزة فبقيت اللام معتلة بعد الهاء كما كانت معتلة قبلها ، قال : فإن قيل : أولست تعلم أن الواحد أقدم في الرتبة من الجمع ، وأن الجمع فرع على الواحد ، فكيف جاز للأصل ، وهو عظاءة ، أن يبنى على الفرع ، وهو عظاء ; وهل هذا إلا كما عابه أصحابك على الفراء في قوله : إن الفعل الماضي إنما بني على الفتح لأنه حمل على التثنية فقيل ضرب لقولهم ضربا ، فمن أين جاز للخليل أن يحمل الواحد على الجمع ، ولم يجز للفراء أن يحمل الواحد على التثنية ؟ فالجواب : أن الانفصال من هذه الزيادة يكون من وجهين : أحدهما أن بين الواحد والجمع من المضارعة ما ليس بين [ ص: 201 ] الواحد والتثنية ، ألا تراك تقول قصر وقصور وقصرا وقصورا وقصر وقصور ، فتعرب الجمع إعراب الواحد وتجد حرف إعراب الجمع حرف إعراب الواحد ، ولست تجد في التثنية شيئا من ذلك ، إنما هو قصران أو قصرين ، فهذا مذهب غير مذهب قصر وقصور ، أولا ترى إلى الواحد تختلف معانيه كاختلاف معاني الجمع ، لأنه قد يكون جمع أكثر من جمع ، كما يكون الواحد مخالفا للواحد في أشياء كثيرة ، وأنت ألبتة لا تجد هذا إذا ثنيت إنما تنتظم التثنية ما في الواحد ألبتة ، وهي لضرب من العدد ألبتة لا يكون اثنان أكثر من اثنين كما تكون جماعة أكثر من جماعة ، هذا هو الأمر الغالب ، وإن كانت التثنية قد يراد بها في بعض المواضع أكثر من الاثنين فإن ذلك قليل لا يبلغ اختلاف أحوال الجمع في الكثرة والقلة ، فلما كانت بين الواحد والجمع هذه النسبة وهذه المقاربة جاز للخليل أن يحمل الواحد على الجمع ، ولما بعد الواحد من التثنية في معانيه ومواقعه لم يجز للفراء أن يحمل الواحد على التثنية كما حمل الخليل الواحد على الجماعة . وقالت أعرابية لمولاها ، وقد ضربها : رماك الله بداء ليس له دواء إلا أبوال العظاء ! وذلك ما لا يوجد . وعظاه يعظوه عظوا : اغتاله فسقاه ما يقتله ، وكذلك إذا تناوله بلسانه . وفعل به ما عظاه أي : ما ساءه . قال ابن شميل : العظا أن تأكل الإبل العنظوان ، وهو شجر ، فلا تستطيع أن تجتره ولا تبعره فتحبط بطونها فيقال عظي الجمل يعظى عظا شديدا ، فهو عظ وعظيان إذا أكثر من أكل العنظوان فتولد وجع في بطنه . وعظاه الشيء يعظيه عظيا : ساءه . ومن أمثالهم : طلبت ما يلهيني فلقيت ما يعظيني أي : ما يسوءني ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ثم تغاديك بما يعظيك

                                                          الأزهري : في المثل أردت ما يلهيني فقلت ما يعظيني ; قال : يقال هذا للرجل يريد أن ينصح صاحبه فيخطئ ويقول ما يسوءه ، قال : ومثله أراد ما يحظيها فقال ما يعظيها . وحكى اللحياني عن ابن الأعرابي قال : ما تصنع بي ؟ قال : ما عظاك وشراك وأورمك ; يعني ما ساءك . يقال : قلت ما أورمه وعظاه أي : قلت ما أسخطه . وعظى فلان فلانا إذا ساءه بأمر يأتيه إليه يعظيه عظيا . ابن الأعرابي : عظا فلانا يعظوه عظوا إذا قطعه بالغيبة . وعظي : هلك . والعظاءة : بئر بعيدة القعر عذبة بالمضجع بين رمل السرة وبيشة ; عن الهجري . ولقي فلان ما عجاه وما عظاه أي : لقي شدة . ولقاه الله ما عظاه أي : ما ساءه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية